للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَكَى صَاحِبُ "الْعَيْنِ" نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ (١).

وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا مُتَقَارِبَةٌ تَرْجِعُ فِي النَّظَرِ إِلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الظَّنَّ إِذَا قَوِيَ فِي النَّفْسِ وَكَثُرَتْ دَلَائِلُهُ عَلَى الْأَمْرِ الْمَظْنُونِ صَارَ كَالْعِلْمِ، وَلِأَجْلِ هَذَا اسْتَعْمَلَتِ الْعَرَبُ الظَّنَّ بِمَعْنَى الْعِلْمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا﴾ (٢).

وَقَالَ دُرَيْدٌ (٣): (طويل)

فَقُلْتُ لَهُمْ ظَنُّوا بِأَلْفَيْ مُدَجَّجٍ (٤)

وَلَا يُسْتَعْمَلُ الظَّنُّ بِمَعْنَى الْعِلْمِ إِلَّا فِي الْأَشْيَاءِ الْغَائِبَةِ عَنْ مُشَاهَدَةِ الْحَوَاسِّ لَهَا، لَا يُقَالُ: ظَنَنْتُ الْحَائِطَ مَبْنِيًا وَأَنْتَ تُشَاهِدُهُ. وَأَنْشَدَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: (بسيط)

وَلَنْ يُرَاجِعَ قَلْبِي (٥)

وَهُوَ لِقَعْنَبِ بْنِ أُمِّ صَاحِبٍ (٦) يَقُولُهُ فِي أَنَاسٍ مِنْ قَبِيلَتِهِ كَانُوا يُنَاصِبُونَهُ بِالْعَدَاوَةِ، وقبله: (بسيط)


(١) العين (زكن): ٧/ ٣٢٢.
(٢) سورة الكهف (١٨): الآية ٥٢.
(٣) دريد بن الصمة الجشمي البكري، سيد هوازن، من الأبطال الشجعان المعمرين، توفي سنة (٨ هـ). الأغاني: ١٠/ ٣؛ المحبر: ٢٩٨؛ الأعلام: ٢/ ٣٣٩.
(٤) عجزه:
سَرَاتُهُمْ فِي الْفَارِسِيِّ المُسَرَّدِ
في ديوانه: ٦٠ روايته: عَلَانِيَةً ظُنُّوا، وهو في جمهرة أشعار العرب ٤٦٧؛ الأغاني: ١٠/ ٤؛ الخزانة: ٤/ ٥١٣؛ الحماسة للمرزوقي: ٢/ ٨١٢؛ شرح المفصل: ٧/ ٨١.
(٥) تمامه:
................... أبدًا … زَكِنْتُ مِنْهُمْ مِثْلَ الَّذِي زَكِنُوا
في مختارات ابن الشجري: ٢٧؛ فصيح ثعلب: ٧؛ الأمالي: ١/ ١٢٢؛ الكتاب: ١/ ١١، نوادر أبي زيد: ٤٤؛ الخزانة: ١/ ١٥٠.
(٦) قعنب بن ضمرة، من بني عبد الله بن غطفان، من شعراء العصر الأموي، اشتهر بأمه، وتوفي نحو سنة (٩٥ هـ). سمط اللآلئ: ٣٦٢؛ شرح الحماسة للتبريزي: ٤/ ١٢؛ الأعلام: ٥/ ٢٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>