للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَدَدِ بِرَعْنِ قُفٍّ رَفَعَهُ الْآلُ فَعَظُمَ ظِلُّهُ، وَأَرَادَ كَأَنَّنَا ظِلُّ رَعْنٍ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَأَقَامَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَهُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا شَبَّهَهُمْ بِظِلِّ الرَّعْنِ لَا بِالرَّعْنِ، يُرِيدُ أَنَّ عَدَدَهُمْ قَدْ مَلَأَ الْفَضَاءَ كَمَا يَمْلَؤُهُ ظِلُّ الرَّعْنِ إِذَا رَفَعَهُ الْآلُ.

وَقِيلَ: إِنَّمَا شَبَّهَ حَرَكَتَهُمْ فِي عَدْوِهِمْ بِحَرَكَةِ الْقُفِّ فِي الآلِ لِأَنَّ الْجِبَالَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتُ يُخَيَّلُ لِلنَّاظِرِ أَنَّهَا تَضْطَرِبُ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْعَجَّاجُ: (رجز)

كَأَنَّ رَعْنَ الْآلِ مِنْهُ فِي الْآلِ

بَيْنَ الضُّحَا وَبَيْنَ قَيْلِ الْقُيَّالِ

إِذَا بَدَا ذُهَانِجٌ ذُو أَعْدَالٍ (١)

فَشَبَّهَ الرَّعْنَ لاضْطِرَابِهِ فِي الْآلِ بِجَمَلٍ يُسْرِعُ وَعَلَيْهِ أَعْدَالٌ، فَلَا حَذْفَ فِي الْبَيْتِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: إِنَّمَا قَالَ: يَرْفَعُ الْآلَا لِأَنَّهُ يَنْزُو فِي الْآلِ، فَإِذَا نَزَا فَكَأَنَّهُ قَدْ رَفَعَ الْآلَ (٢)، يُرِيدُ أَنَّهُ لَا قَلْبَ فِي الْبَيْتِ كَمَا قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ.

وقوله: "تُعْدِي فَوَارِسُنَا".

فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الْفَاعِلِ فِي لَحِقْنَا.

وقوله: "كَأَنَّنَا رَعْنُ قُفٍّ".

جُمْلَةٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الْفَاعِلِ أَيْضًا.

وقوله: "يَرْفَعُ الآلآ".

جُمْلَةٌ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِلْقُفِّ (٣).

د: قال بَعْضُهُمْ: "الآلُ" شَيْءٌ يَظْهَرُ فِي الْجَوِّ كَأَنَّهُ مَاءٌ يَكُونُ فِي الصَّيْفِ وَعِنْدَ شِدَّةِ حَرِّ الظَّهِيرَةِ فِي الْفَلَوَاتِ، فَإِذَا كَانَ بِالْعَشِيِّ وَالْغَدَاةِ ارْتَفَعَ فِي الْجَوِّ


(١) ديوانه: ٢/ ٣٢٠؛ الأمالي: ٢/ ٩١؛ المبهج: ٦٠؛ السمط: ٧٢٨؛ الجمهرة: ٣/ ٣٢٣؛ الصحاح والتاج ول (دهنج - قيل).
(٢) الأمالي: ٢/ ٩١.
(٣) الاقتضاب: ٣/ ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>