للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإنَّ اللَّهَ يَعْلَمُنِي وَوَهْبًا … وَيَعْلَمُ أَنْ سَيَلْقَاهُ كِلانَا (١)

وقوله: "كَرَاعِي الْبَيْتِ".

أيْ كَمَنُ اؤْتُمِنَ عَلَى مَتَاعِ بَيْتٍ فَخَانَ. وَيُرْوَى: يُحْفَظُهُ بِضَمِّ الْيَاءِ أَي يُؤْتَمَنُ عَلَيْهِ، يُقَالُ: حَفِظَ الرَّجُلُ الشَّيْءَ وَأَحْفَظْتُهُ إِيَّاهُ، وَهَذَا بَيِّنٌ لَا إِشْكَالَ فِيهِ.

وَيُرْوَى يَحْفَظُهُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَفِيهِ إِشْكَالٌ لِأَنَّ الْحَافِظَ لَا يَخُونُ فَكَيْفَ وَصَفَهُ بِالْحِفْظِ وَالْخِيَانَةِ، وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْفَاءَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِنَّمَا وُضِعَتْ لِتَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا يَقَعُ عُقَيْبَ مَا قَبْلِهَا، فَمَعْنَاهُ يَحْفَظُهُ أَوَّلًا ثُمَّ يُعْقِبُ الْحِفْظُ بِالْخِيَانَةِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَعْنَى يُحْفَظُهُ، يَدَّعِي أَنَّهُ يُحْفَظُهُ وَهُوَ يَخُونُ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَنْسِبُ الْفِعْلَ إِلَى مَنْ يَدَّعِيهِ كَمَا تَنْسُبُهُ إِلَى مَنْ هُوَ لَهُ بِالْحَقِيقَةِ فَإِذَا قُلْتَ: هَذَا ضَارِبُ زَيْدٍ، يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: هَذَا الَّذِي أَوْقَعَ بِزَيْدٍ الضَّرْبَ، وَجَازَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ ضَرَبَ زَيْدًا، وَقَدْ يُقَالُ أَيْضًا لِمَنْ عَزَمَ عَلَى ذَلِكَ وَلِمَنْ أَمَرَ بِهِ أَوْ رَضِيَهُ.

د: البيت: إِنَّ بَني رَبِيعَةَ، بِغَيْرِ وَاوٍ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْقَصِيدَةِ، وَبَعْدَهُ: (وافر)

يُرِيدُ ظُلَامَتِي وَهْبٌ وَأَرْجُو … مِنَ اللَّهِ الْبَرَاءَةَ وَالْبَيَانَا (٢)

وَقِيلَ أَرَادَ: يُرِيدُ حِفْظَهُ، كَقَوْلِ زِيَادٍ الْأَعْجَمِ (٣): (وافر)


(١) ديوانه: ١٢٢ روايته: ظلامتي .. والبيانا، سنلقاه. وفي شعره (شعراء إسلاميون): ٣٩٤؛ شرح المفصل: ٣/ ٢؛ المعاني الكبير: ٥٩٢؛ تأويل مشكل القرآن: ٢٥؛ الاقتضاب: ٣/ ٤٤.
(٢) سبق تخريج البيت في الإحالة السابقة.
(٣) زياد بن سليمان أو -سليم- الأعجم، أبو أمامة العبدي مولى بني عبد القيس، من شعراء الدولة الأموية، توفي نحو (١٠٠ هـ). الأغاني: ١٤/ ٩٨؛ معجم الأدباء: ٤/ ٢٢١؛ طبقات الفحول: ٦٨١؛ الخزانة ١٠/ ٧؛ الأعلام: ٣/ ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>