للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيوخه، فهم مشتركون في المعين ذاته، وقد كان أشهرهم: علي بن محمد الحضرمي المشهور بابن خروف النحوي المتوفى سنة (٦٠٩ هـ) (١)، ومحمد بن عبد الواحد الملاحي أبو القاسم المتوفى سنة (٦١٩ هـ) (٢)، ومحمد عبد الله بن أبي زمنين المري الإلبيري المتوفى سنة (٦٠٢ هـ) (٣).

وقد كانوا مشتركين في نقل العلوم من نحو، ولغة، وفقه، وحديث، وتاريخ من نفس الشيوخ، كما كانوا مشتركين في الأخلاق العالية؛ فقد بهرنا بما حلوا به من صفات، فهذا أبو القاسم الملاحي بالإضافة إلى كونه محدثّ وراوية وأديبًا ومؤرخًا عارفًا بالأنساب حافظًا للأسانيد فقد كان "من المفاخر الغرناطية، وكان من أفضل الناس، وأحسنهم عشرة، وألينهم كلمة وأكثرهم مروءة، وأحسنهم خُلقًا وخَلقًا، ما رأيت مثله. قدسّ الله تربيته" (٤).

وأبو بكر بن أبي زمنين الذي ولي القضاء كان: "عدلا مهيبًا جزلًا، فإذا انفصل من مجلس الحكم صار من ألين الناس جانبًا، وأحسنهم خلقًا، وأكثرهم تواضعًا، وكان محدثًا جليلًا فاضلًا" (٥).

ولم يصلنا أن الجذامي كان مقربًا من أحد الحكّام من عصره أو من بلده، وكان ذلك سببًا من أسباب غموره، ويمكن إرجاع هذا إلى أنه كان زاهدًا في ذلك الأمر، خاصة مع ما علم مما كان يتهدد المقرب من الحاكم من كيد حساده، أو نقمة الحاكم عليه، أو بيع ضميره بإباحة المحظور. وهذا الورع مما ورثه عن أستاذه أبي سليمان الذي رفض إقراء أبناء السلطان: انتقل من غرناطة إلى باغة من أجل أن السلطان دعاه لإقراء بنيه فقال: "والله لا أهنت العلم ولا مشيت به إلى الديار. انتقل من غرناطة إلى باغة من أجل أن السلطان دعاه لإقراء بنيه فقال: والله لا أهنت العلم ولا مشيت به إلى الديار".


(١) انظر ترجمته في: جذوة الاقتباس: ٣٠٧؛ الوفيات: ١/ ٣٤٣؛ فوات الوفيات: ٢/ ٧٩؛ معجم الأدباء: ٥/ ٤٢٠.
(٢) انظر ترجمته في: الإحاطة: ٣/ ١٧٦.
(٣) انظر ترجمته في: تاريخ قضاة الأندلس: ١١٠؛ شجرة النور الزكية: ١١٣.
(٤) جذوة الاقتباس: ٣٠٧.
(٥) تاريخ قضاة الأندلس: ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>