للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي بكر بن زهر (ت ٥٩٦ هـ) أنه "كان من أهل المعرفة بالطب والحفظ للغة والأدب … مشاركًا في الفقه والحديث والتفسير وكان يحفظ كتاب البخاري بأسانيده" (١). وفي ترجمة محمد بن عبد الرحمن ابن الكاتب (ت ٦٠٧ هـ) (٢) "أنه كان شاعرًا مطبوعًا، ذا معرفة جيدة بالعدد والمساحة" (٣)، وغير هاذين المثالين كثير.

ولقد توفرت للجذامي أسباب ووسائل الطلب وأدوات العلم في مجتمع كان يجلّ العلماء وكان الحكام هم أول من يقدم الدليل على ذلك. وقد كان دائم التقييد والكتابة، يقابل ويعارض ما يقع إليه من ذخائر المؤلفات التي جلبها الأندلسيون من المشرق، وما ألفوه وأبدعوا وشرحوا حتى استوت له ملكة علمية فذّة، واستقامت عنده مشاركة واسعة في كثير من أصول العلم وفروعه، فغدا حجة في النحو، خبيرًا باللغة، محيطًا إحاطة نادرة فيما ألّف من شروح، وهكذا جاءت ترجمته محيلة على كل ذلك: "الشيخ الفقيه النحوي الماهر، كان متقدمًا في المعرفة بالنحو والحفظ للغة والذكر للآداب، ذا مشاركة في الطب وغيره، وحظ من قرض الشعر" (٤).

أما تأثر الجذامي بشيوخه فهذا أمر طبيعي عهدناه في تأثير العالم في المتعلم، وقد علمنا من سيرة شيوخ الجذامي بعد صيتهم وعلوّ طبقتهم في العلم ومضاهاة الأقران؛ فهم الأساتذة في النحو والعربية والأدب واللغة: فداود بن يزيد السعدي "صدر النحويين، وصف بالتحقيق وجلالة المرتبة في العربية" (٥). ومصعب بن محمد الخشني: "لم يكن في وقته أضبط منه، ولا أتقن في جميع علومه حفظًا وقلمًا، وكان نقّادًا للشعر، مطلق العنان في أخبار العرب وأيامها وأشعارها ولغاتها، متقدمًا في كل ذلك" (٦).


(١) الأعلام: ٣/ ١٥٠.
(٢) الإحاطة: ٢/ ٥٧.
(٣) الانتخاب: ٣.
(٤) بغية الوعاة: ١/ ٥٦٤؛ البلغة: ٨٠.
(٥) الأعلام: ٢/ ٢٤٩.
(٦) الانتخاب: ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>