للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلادهم باهر" (١) والمشرق "كان أرقى حضارة وأوسع ثقافة، وإليه يلتفت الأندلسيون في تجارتهم، يرونه منبع العلم والدين، وموطن القداسة والحج" (٢).

فكانت هذه الشروح مجالًا لإبراز قدرتهم، وتفوُّقهم في مضاهاة الكتّاب المشرقي، بفتح مغالقه وتقريب تناوله للطالب، وتبيان ما أشكل منه.

وقد كان دافع التفوُّق والمنافسة، في أحيان عديدة، عن جدارة واستحقاق، لما رآه الشارح الأندلسي من تقصير المشارقة في بعض تآليفهم، أو ما وجده من خلل وخطل في متونهم. فأبو عبيد البكري يضع "فصل المثال في شرح الأمثال"، لأنه رأى أبو عبيد "أغفل تفسير كثير من تلك الأمثال فجاء بها مهملة، وأعرض أيضًا عن ذكر كثير من أخبارها، فأوردها مرسلة" (٣).

ويؤلف البكري - أيضًا - "التنبيه على أمالي القالي" لنفس الغاية يقول: "هذا كتاب شرحت فيه من النوادر التي أملها أبو علي القالي ما أغفل، وبيّنت من معاني منظومها ومنثورها ما أشكل، ووصلت شواهدها وسائر أشعارها ما قطع، ونسبت من ذلك إلى قائليه ما أهمل" (٤).

ولنفس الغاية يؤلف ابن السيد البطليوسي "الاقتضاب في شرح أدب الكتاب" يقول: "وقد قسته ثلاثة أجزاء: الجزء الأول: في شرح الخطبة وما يتعلق بها من ذكر أصناف الكتّاب وآلاتهم. والجزء الثاني: في التنبيه على ما غلط فيه واضع الكتّاب أو الناقلون عنه، وما منع منه وهو جائز. والجزء الثالث: في شرح أبياته" (٥).

وكان بعض الحكام والوزراء - ذووا العناية بالعلم والأدب، ورعاية أهله وأصحابه - يأمرون أعلام اللغة والنحو بوضع كتاب حول بعض المؤلفات


(١) نفح الطيب: ٢٢٠.
(٢) تاريخ الأدب الأندلسي، إحسان عباس، ص: ٣٩.
(٣) فصل المقال: ٣.
(٤) التنبيه على أمالي القالي والنوادر: ١٥.
(٥) الاقتضاب: ١/ ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>