يقول: كتبنا عن أبي العباس بن يعقوب الوراق سنة خمس وسبعين ومائتين في مجلس محمد بن عبد الوهاب الفراء.
قالت: وسمعت محمد بن الفضل بن خزيمة قال: سمعت جدي إمام الأئمة وسئل عن كتاب المبسوط للشافعي فقال: اسمعوه من أبي العباس الأصم فإنه ثقة، قد رأيته يسمع بمصر وسمعت أبا أحمد الحافظ يقول: سمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم يقول: ما بقي لكتاب المسبوط راوٍ غير أبي العباس الوراق، وبلغنا أنه ثقة صدوق. قال الحاكم: قرأت بخط أبي علي الحافظ يحث الأصم على الرجوع عن أحاديث أدخلوها عليه؛ فوقع الأصم: كل من روى عني ذلك فهو كذاب، وليس هذا في كتابي. قال الحاكم: وقرأت بخط أبي عمرو أحمد بن المبارك المستملي, حدثني محمد بن يعقوب بن يوسف الوراق أنا بشر بن بكر, فذكر حديثين. قلت: هذا المستملي كبير يروي عن قتيبة ونحوه ومات سنة أربع وثمانين ومائتين.
قال الحاكم: حضرت الأصم يوما خرج ليؤذن للعصر فاستقبل وقال بصوت عالٍ: أنا الربيع بن سليمان أنا الشافعي, ثم ضحك وضحك الناس ثم أذن؛ وقد خرج علينا في سنة أربع وأربعين فلما نظر إلى كثرة الناس والغرباء قد امتلأت السكة بهم وهم يطرقون له ويحملونه فجلس على جدار المسجد وبكى ثم نظر إلى المستملي وقال: اكتب: نا الصاغاني سمعت أبا سعيد الأشج يقول: سمعت ابن إدريس يقول: أتيت باب الأعمش بعد موته فدققت بابه فأجابتني امرأة هاي هاي, تبكي، وقالت: يا أبا عبد الله ما فعل جماهير العرب التي كانت تأتي هذا الباب؟ ثم بكى الكثير، وقال: كأني بهذه السكة لا يدخلها أحد منكم، فإني لا أسمع وقد ضعف البصر وحان الرحيل وانقضى الأجل؛ فما كان بعد شهر أو أقل حتى كف بصره وانقطعت الرحلة ورجع أمره إلى أن كان يناول قلمًا فإذا أخذ بيده علم أنهم يطلبون الرواية فيقول: نا الربيع, ويسرد أحاديث يحفظها وهي أربعة عشر حديثًا، وسبع حكايات، وصار بأسوأ حال.
وتوفي في ربيع الآخر سنة ست وأربعين وثلاثمائة, رحمه الله.
قلت: وفيها مات مسند مصر أبو الحسن أحمد بن بهزاذ السيرافي الراوي عن أصحاب ابن وهب، ومسند أصبهان أبو جعفر أحمد بن جعفر بن معبد السمسار، ومسند نيسابور أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس العنزي الطرائفي، ومسند بلاد العجم أبو محمد عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس الأصبهاني، ومسند بغداد أبو الحسين عبد الصمد بن علي الطستي، ومسند مرو أبو العباس المحبوبي محمد بن أحمد بن محبوب صاحب الترمذي، ومسند البصرة المحدث محمد بن بكر بن داسة التمار صاحب أبي