الإسماعيلي واحد عصره وشيخ المحدثين والفقهاء، أجلهم في الرياسة والمروءة والسخاء، ولا خلاف بين علماء الفريقين وعقلائهما فيه. قال حمزة السهمي: سألني الوزير أبو الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات بمصر عن الإسماعيلي وسيرته وتصانيفه, فكنت أخبره بما صنف من الكتب وجمع من المسانيد والمقلين وتخريجه على كتاب البخاري وجميع سيرته فيعجب من ذلك، وقال: لقد كان رزق من العلم والجاه والصيت الحسن. قال حمزة: وسمعت جماعة منهم الحافظ ابن المظفر, يحكون جودة قراءة أبي بكر وقالوا: كان مقدمًا في جميع المجالس، كان إذا حضر مجلسًا لا يقرأ غيره. قلت: وقال أبو بكر في معجمه: كتبت في صغري الإملاء بخطي في سنة ثلاث وثمانين ومائتين ولي يومئذٍ ست سنين, فهذا يدلك على أن أبا بكر حرص عليه أهله في الصغر. وقد أخذ عنه الفقه ولده أبو سعد وعلماء جرجان.
أخبرنا إسماعيل بن عميرة المقدسي أنا أبو محمد الفقيه أنا مسعود بن عبد الواحد أنا صاعد بن سيار أنا علي بن محمد الجرجاني أنا حمزة بن يوسف الحافظ أنا الإسماعيلي قال: اعلموا -رحمكم الله- أن مذهب أهل الحديث الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله وقبول ما نطق به كتاب الله وما صحت به الرواية عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لا معدل عن ذلك، ويعتقدون أن الله مدعو بأسمائه الحسنى, موصوف بصفاته التي وصف بها نفسه ووصفه بها نبيه, خلق آدم بيده ويداه مبسوطتان بلا اعتقاد كيف, واستوى على العرش بلا كيف, وذكر سائر الاعتقاد.
قال القاضي أبو الطيب الطبري: رحلت قاصدًا إلى أبي بكر وهو حي فمات قبل أن ألقاه. قال حمزة: وسمعته يقول: لما ورد نعي محمد بن أيوب الرازي بكيت وصرخت ومزَّقت القميص ووضعت التراب على رأسي فاجتمع علي أهلي وقالوا: ما أصابك؟ قلت: نعي إلي محمد بن أيوب، منعتموني الارتحال إليه؟! قال: فسلوني وأذنوا لي في الخروج وأصحبوني خالي إلى نسا إلى الحسن بن سفيان، ولم يكن ههنا شعرة, وأشار إلى وجهه.
قلت: كان موت محمد بن أيوب بن الضريس في سنة أربع وتسعين, ولا يسد مسده الحسن في العلو. نعم, لقي بالعراق نظراءه. قال: وخرجت إلى العراق في سنة ست وتسعين في صحبة بعض أقربائي. وقال حمزة السهمي: سمعت الإسماعيلي: كتبت بخطي عن أحمد بن خالد الدامغاني إملاء في سنة ثلاث وثمانين ومائتين وأنا ابن ست سنين ولا أذكر صورته. قلت: قد جمع مع إمامته في علم الحديث والفقه رفعة الأسانيد والتفرد ببلاد العجم.