فتلقى بالبشر والإكرام وكان بمصر كثير من المخالفين لكن رائحة السلطان كانت تمنعهم، ثم جاء العادل وأخذ مصر وأكثروا عنده على الحافظ فطلب ثم أكرمه العادل وبقي الحافظ بمصر وهم لا يتركون الكلام فيه, فلما أكثروا عزم الكامل على إخراجه ثم اعتقل في داره سبع ليالٍ، فسمعت التقي أحمد بن محمد بن عبد الغني يقول: حدثني الشجاع بن أبي ذكري الأمير قال: قال لي الكامل: هنا فقيه قالوا: إنه كافر؛ قلت: ما أعرفه؛ قال: بلى، هو محدث؛ فقلت: لعله الحافظ عبد الغني؟ فقال: هو هو؛ فقلت: أيها الملك, العلماء أحدهم يطلب الآخرة والآخر يطلب الدنيا، وأنت هنا باب الدنيا فهل جاء إليك؟ أو أرسل إليك ورقة؟ قال: لا؛ قلت: والله هؤلاء يحسدونه؛ فقال: جزاك الله خيرًا كما عرفتني. قال الضياء: بلغني أن الحافظ أمر أن يكتب اعتقاده فكتب: أقول كذا لقول الله كذا، وأقول كذا لقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كذا، حتى فرغ من المسائل؛ فلما وقف عليها الكامل قال: أيش أقول في هذا؟ يقول: بقول الله ورسوله؛ فخلى عنه.
وسمعت أحمد بن محمد بن عبد الغني يقول لي: رأيت أخاك الكمال عبد الرحيم في النوم فقلت: أين أنت؟ فقال: في جنة عدن، فقلت: أيما أفضل الحافظ عبد الغني أو الشيخ أبو عمر؟ فقال: ما أدري, أما الحافظ فكل ليلة جمعة ينصب له كرسي تحت العرش يقرأ عليه الحديث وينثر عليه الدر وهذا نصيبي منه؛ وأشار إلى كمه.
سمعت أبا موسى يقول: مرض والدي أيامًا ووضأته وقت الصباح فقال لي: يا عبد الله صل بنا وخفف؛ فصليت بالجماعة وصلى معنا جالسًا ثم قال: اقرأ عند رأسي يس فقرأتها وقلت: هنا دواء تشربه؛ فقال: ما بقي إلا الموت؛ فقلت: ما تشتهي شيئًا؟ قال: أشتهي النظر إلى وجه الله الكريم؛ فقلت: ما أنت عني راض؟ قال: بلى؛ وجاءوا يعودونه وجعلوا يتحدثون ففتح عينه وقال: ما هذا؟ اذكروا الله، قولوا: لا إله إلا الله ثم دخل درع النابلسي فقمت لأناوله كتابًا من جانب المسجد، فرجعت وقد توفي رحمه الله تعالى يوم الاثنين الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ستمائة.
قلت: وفيها توفي المذكورون في ترجمة القاسم. وترجمه الحافظ الضياء أربع كراريس بسماعنا من ابن خولان عنه.
أنبأنا أحمد بن سلامة الدمشقي عن عبد الغني بن عبد الواحد في كتابه أنا حيدرة بن عمر بن إبراهيم العلوي أنا طراد ن محمد أنا أحمد بن محمد بن حسنون ثنا أبو جعفر محمد بن عمرو إملاء ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا أبو داود الطيالسي ثنا أبو سنان حدثني حبيب بن أبي ثابت عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رجلا قال: يا رسول الله, إني أعمل العمل سرًّا فإذا اطلع عليه أعجبني؟ قال رسول الله, صلى الله عليه وآله وسلم: "لك أجران: