وحكى رجل أنه شاهد الحافظ في الفلاء بمصر ثلاث ليالٍ يؤثر بعشائه ويطوي. قال الضياء: فتح له بمصر أشياء كثيرة من الذهب وغيره. سمعت الرضى عبد الرحمن بن محمد أنه سمع الحافظ يقول: سألت الله أن يرزقني حال الإمام أحمد، فقد رزقني صلاته، قال: ثم ابتلي بعد ذلك وامتحن. سمعت الإمام أبا عبد الله بن أبي الحسن الجبائي يقول: أخذ الحافظ عبد الغني على أبي نعيم في مائتين وتسعين موضعًا فطلبه الصدر بن الخجندي وأراد هلاكه فاختفى الحافظ.
وسمعت محمود بن سلامة يقول: ما أخرجناه إلا في إزار. وسمعت الحافظ يقول: كنا نسمع بالموصل كتاب الضعفاء للعقيلي فأخذني أهل الموصل وحبسوني وأرادوا قتلي من أجل ذكر رجل فيه فجاءني رجل طويل بسيف فقلت: لعله يقتلني وأستريح، قال: فلم يصنع شيئًا ثم أطلقت. وكان يسمعه معه ابن البرني فأخذ الكراس الذي فيه ذكر الرجل ففتشوا الكتاب فلم يجدوا شيئًا فأطلق.
أخبرنا عبد الحميد بن أحمد, سمعت الضياء يقول: كان الحافظ يقرأ الحديث بدمشق ويجتمع الخلق عليه فحسد وشرعوا يعملون لهم وقتًا في الجامع ويقرأ عليهم الحديث فهذا ينام وهذا قلبه غير حاضر فلم تشتف قلوبهم فشرعوا في مكيدة فأمروا الناصح أن يعظ بعد الجمعة تحت قبة النسر وقت جلوس الحافظ, فأخر الحافظ معتاده إلى العصر، فلما كان في بعض الأيام والناصح قد فرغ فدسوا رجلا ناقض العقل من بني عساكر فقال للناصح ما معناه؟ إنك تقول الكذب على المنبر فضرب الرجل وهرب وخبئ في الكلاسة ومشوا إلى الوالي وقالوا: هؤلاء الحنابلة ما قصدهم إلا الفتنة، وهم، وهم، واعتقادهم، ثم جمعوا كبراءهم ومضوا إلى القلعة وقالوا للوالي: نشتهي أن يحضر عبد الغني. وسمع مشايخنا فانحدروا، خالي الموفق وأخي الشمس والفقهاء وقالوا: نحن نناظرهم، وقالوا للحافظ: اقعد لا تجئ فإنك حاد ونحن نكفيك، فاتفق أنهم أخذوا الحافظ ولم يعلم أصحابنا فناظروه وكان أجهلهم يغري به، فاحتد وكانوا قد كتبوا شيئًا من اعتقادهم وكتبوا فيه خطوطهم ثم قالوا له: اكتب خطك، فلم يفعل؛ فقالوا للوالي: قد اتفق الفقهاء كلهم وهذا يخالف؛ فبعث الأسارى فرفعوا منبره وخزانه ودرابزين وقالوا: نريد أن لا تجعل في الجامع صلاة إلا للشافعية وكسروا منبر الحافظ ومنعنا من صلاة الظهر، فجمع الناصح السوقة وغيرهم وقال: إن لم يخلونا نصلي صلينا بغير اخيارهم؛ فبلغ ذلك القاضي وكان صاحب الفتنة فأذن لهم وحمت الحنفية مقصورتهم بجماعة من الجند، ثم إن الحافظ ضاق صدره ومضى إلى بعلبك فأقام بها مدة وتوجه إلى مصر فبقي بنابلس مدة, إلى أن قال: وجاء الملك الأفضل وأخذ مصر ثم رد إلى دمشق فصادف الحافظ وأكرمه ونفذ يوصي به بمصر