وسفيان الثوري، وحماد بن سلمة وإبراهيم النخعي والشعبي وغيرهم لا خلاف بينهم في ذلك. قال: ولا يعرف - أيضا - بين أهل البصرة خلاف في كراهة ذلك والمنع منه. وقد تكلم الناس في إباحة الغناء وسماع الأصوات والنغمات والآلات، وهو الدف واليراع والقصب والأوتار على اختلافها من العود والطنبور وغيره، وأباحوا ذلك واستدلوا عليه وضعفوا الأحاديث الواردة في تحريمه، وتكلموا على رجالها وجرحوهم وبسطوا في ذلك المصنفات ووسعوا القول وشرحوا الأدلة، وكان ممن تكلم في ذلك وجرد له تصنيفا الشيخ الإمام الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي رحمه الله تعالى، فقال - في ذلك - ما نذكر مختصره معناه: اعلم أن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحنيفية السمحة إلى كافة البشر، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وسن وشرع. وأمر ونهى، كما أمر. فليس لأحد بعده وبعد الخلفاء الراشدين الذين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم والاتباع لسنتهم أن يحرم ما أحل الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم إلا بدليل ناطق من آية محكمة، أو سنة صحيحة أو إجماع من الأمة على مقالته. وأما الاستدلال بالغرائب والموضوعات والأفراد من رواية المكذبين والمجروحين الذين لا تقوم بروايتهم حجة، وبأقاويل من فسر القرآن على حسب مراده ورأيه، فلا يرجع إلى قولهم ولا يسلك طريقهم، إذ لو جاز ذلك لم يكن قول أحد من الناس أولى من قول غيره.
وقد استدلوا على إباحة الغناء بأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... (تقدم ذكرها جملة وتفصيلا وخاصة في ملحق ابن حزم رقم: اثنين) .