الحمد لله الذي من علينا في البداية بالهداية* وانقذنا من الضلالة بمحض الفيض والعناية* والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي هو الوقاية من الغواية* وعلى آله وأصحابه ذوى الرواية والدراية* صلاة وسلاما لا غاية لهما ولا نهاية (اما بعد) فيقول افقر الورى* المستمسك من رحمة مولاه باوثق العرى* محمد امين بن عمر عابدين الماتريدى الحنفى* عامله مولاه بلطفه الخفى * هذا شرح لطيف وضعته على منظومتي التي نظمتها في رسم المفتى* اوضح به مقاصدها* واقيد به اوابدها وشواردها* اسأله سبحانه أن يجعله خالصا لوجهه الكريم* موجبا للفوز العظيم * فأقول وبه استعين في كل حين
باسم الآله شارع الأحكام … مع حمده ابدأ في نظامى
ثم الصلاة والسلام سرمدا … على نبي قد اتانا بالهدى
وآله وصحبه الكرام … على ممر الدهر والاعوام
(وبعد) فالعبد الفقير المذنب … محمد بن عابدين يطلب
توفيق ربه الكريم الواحد … والفوز بالقبول في المقاصد
وفي نظام جوهر نضيد … وعقد در باهر فريد
سميته عقود رسم المفتى … يحتاجه العامل أو من يفتى
وها أنا اشرع في المقصود … مستمنحا من فيض بحر الجود
اعلم بان الواجب اتباع ما … ترجيحه عن أهله قد علما
أو كان ظاهر الرواية ولم … يرجحوا خلاف ذاك فاعلم
أي أن الواجب على من أراد أن يعمل لنفسه أو يفتى غيره أن يتبع القول الذى رجحه علماء مذهبه فلا يجوز له العمل أو الافتاء بالمرجوح إلا في بعض المواضع كما سيأتى في النظم (وقد) نقلوا الإجماع على ذلك ففي الفتاوى الكبرى للمحقق ابن حجر المكي قال في زوائد الروضة أنه لا يجوز للمفتى والعامل أن يفتى أو يعمل بما شاء من القولين أو الوجهين من غير نظر وهذا لا خلاف فيه وسبقه إلى حكاية الإجماع فيهما ابن الصلاح والباجي من المالكية في المفتى وكلام القرافى دال على أن المجتهد والمقلد لا يحل لهما الحكم والافتاء بغير الراجح لانه اتباع للهوى وهو حرام اجماعا وان محله في المجتهد ما لم تتعارض الادلة عنده