الحمد لله الذي جعل العلم نورا يهتدى به عند اختلاف الآراء * واوضح سبله لسالكيه المتقين وان اضطربت فيه الاهواء * وقيض له في كل زمان رجالا هم على الحق ادلاء * صالوا بسنان اقلامهم وصارم لسانهم لنصرته بلا ارعواء * وجعل منهم أئمة أربعة هم ادعمة حصنه المتين المنيع * واركان بنائه المشيد البديع * الذي علا على كل بناء وجعل اتفاقهم الحجة القاطعة * والمحجة الواسعة * التي من خرج عنها ضل * ومن زاغ عنها زل * وان كان ابن ماء السماء والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف المرسلين وخاتم الأنبياء * وعلى آله وأصحابه الأتقياء النجباء * صلاة وسلاما دائمين ما طلع نجم في الغبراء * وسطع نجم في الزرقاء (أما بعد) فيقول افقر العباد إلى لطف مولاه الخفى محمد ابن عابدين الحنفى (هذه) رسالة سميتها تنبيه الغافل والوسنان * على احكام هلال رمضان * جمعتها بسبب واقعة وقعت سنة أربعين ومائتين وألف من هجرة نبينا المكرم * صلى الله تعالى عليه وسلم * في اثبات رمضان المعظم * وهى ان جماعة حضروا ليلة الاثنين التالية لتسع وعشرين من شعبان المحترم * فشهدو الذي نائب مولانا قاضى القضاة في دمشق الشام * بانهم رأوا هلال رمضان هذا العام * من مكان عال وكان في السما اعتلال من سحاب وقتام * وذلك بعد ادعاء رجل على آخر بمال معلوم * مؤجل إلى دخول رمضان المرقوم * وانكار المدعى عليه حلول الاجل * فحكم الحاكم بموجب شهادتهم بعد ان زكاهم جماعة وتفحص عن ذلك وسئل * حكما شرعيا مستوفيا شرائطه بلا خلل * فكتب الحاكم مراسلة يستفتى فيها مفتى الانام * في دمشق الشام * على العادة * فافتى المفتى بصحة هذا الحكم المبنى على هذه الشهادة * وبثبوت هلال رمضان لذلك * وبفرضية الصوم في ذلك اليوم حيث الأمر كذلك * فامر نائب مولانا السلطان الاعظم بضرب المدافع للاعلام * بدخول رمضان فصام الناس عدة أيام فاراد بعض الشافعية * نقض هذه القضية * فزعم اولا انه اخبره بعض الناس أن جماعة رأوا الهلال صبيحة يوم الاثنين الذي ثبت انه أول رمضان فادعى ان هذا الاثبات لم يصح على مذهبه ولا على مذهب أبي حنيفة النعمان لان ذلك عند علماء النجوم ممتنع عقلا * إذ لا يمكن ان يرى الهلال عشية ثم يرى صباحا اصلا * فحيث خالفت الشهادة والحكم العقل يكونان باطلين * باتفاق المذهبين * وزعم أيضًا ان الحكم من اصله غير صحيح *