المعنى العرفى وصار حقيقة عرفية كما قررناه والشجرة في قول القائل لا آكل من هذه الشجرة اذا كانت مما لا تؤكل عينها صارت عبارة عن اكل ثمرتها او ثمنها حقيقة عرفية وكذا وضع القدم صار عبارة في العرف العام عن الدخول ولذا مثل الاصوليون بهذين المثالين للحقيقة المتعذرة والمهجورة فقالوا واذا كانت الحقيقة متعذرة او مهجورة صير الى المجاز بالاجماع كما اذا حلف لا يأكل من هذه النخلة ولا يضع قدمه فى دار فلان ومثله قولك لا آكل هذا القدر ولا اشرب هذا الكأس فان يمينه لما يحله فقط (فان قلت) كذلك قول القائل والله لا اشتريه بدرهم صار فى العرف عبارة عن عدم شرائه بدرهم أو اكثر من حيث المالية وخصوص الدرهم غير مراد اصلا فالحقيقة فيه مهجورة ايضا كما فى الشجرة ووضع القدم (قلت) ليس كذلك فانه في مسئلة الشجرة ووضع القدم قد صار اللفظ موضوعا ومستعملا فى معنى آخر غير المعنى الاصلى وصار المعنى الاصلى غير مراد حتى لم يحنث به كما ذكرنا وهذا بخلاف قوله والله لا اشتريه بدرهم فان الدرهم باق على معناه الاصلى ولا يمكن جمله مجازا عن الدينار بدليل انه لو اشترى بدرهم يحنث فعلم ان معنى الدرهم مراد ولو اريد به كل من الدرهم والدينار يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز وهو لا يجوز عندنا على ان المتكلم لم يقصد ذلك وانما قصد منع نفسه من الشراء بالدرهم ويلزم منه منع نفسه من الشراء بالدينار بالاولى لكن هذا غرض غير ملفوظ وانما هو لازم للفظ والغرض لا يصلح مزيدا على اللفظ بل يصلح مخصصا للفظ العام (والحاصل) ان لفظ الدرهم لم يرد به غير ما وضع له عرفا فلذا يحنث به ولا يحنث بالدينار لانه مجرد غرض لم يوضع له اللفظ عرفا بخلاف الشجرة ووضع القدم فان معناهما الاصلى قد هجر حتى لا يحنث الحالف به ويحنث بالمعنى المجازى وهو الغرض الذى وضع له اللفظ عرفا فالغرض صار نفس مدلول اللفظ لا شيئا خارجا عنه * ومن هذا القبيل مسائل كثيرة ذكرها في كتاب النتف بقوله واما اليمين على شيء ويراد به غيره بان يقول والله لاديرن الرحى على رأسك او لاضر من النار على رأسك او لاقيمين القيامة على رأسك ويريدان يفعل به داهية فاذا فعل ذلك فقد بر وكذا والله لاقرعن سمعك يريد به ان يسمعه خبر سوء او لابكين عينك يريدان يحزنه بامر فيكى او لاخرسنك يريدان يدفع له رشوة كيلا يتكلم فى امره شيئا او لاحرقن قلبك يريد به ان يفعل به امرا يوجع قلبه فاذا فعل ما اراد فقد برو ذكر امثلة كثيرة من هذا القبيل * ثم قال فى اخرها فاذا فعل ذلك فقدبر في يمينه وان اراد بشئ من ذلك حقيقته فلا يبرا لا ان يفعله