عليهم الصلاة والسلام من الكبائر او الصغائر عمدا او سهوا والكلام الآن في موضعين احدهما في العصمة قبل النبوة والثاني بعدها (أما حكمهم) قبل النبوة فهم معصومون من الكفر بالاجماع * واما غيره فنقل عن اكثر الاشاعرة وطائفة من المعتزلة انه لا يمتنع عقلا على الانبياء عليهم الصلاة والسلام قبل البعثة معصية كبيرة كانت او صغيرة * وذهب بعض الاشاعرة الى انه يمتنع ذلك وهو مختار القاضي عياض لأن المعادى انما تكون بعد تقرير الشرع اذ لا يعلم كون الفعل معصية الا من الشرع * وذهب الروافض واكثر المعتزلة الى امتناع ذلك كله منهم عقلا وهذا مبنى منهم على التقبيح العقلى لانها تؤدى الى النفرة عن اتباعهم وهو خلاف ما اقتضت الحكمة من بعثهم عليهم الصلاة والسلام * نعم لو استدل على عصمتهم من وقوع شيء من ذلك منهم عليهم الصلاة والسلام قبل النبوة بعدم النقل بانه لم ينقل الينا شيء من ذلك مع اعتناء الناس في البحث عن احوالهم والنقل لافعالهم ولو وقع شيء من ذلك لبرزوا به يوما ما عند ما سمع منهم بعد النبوة المنهى عنه لكان (١) سديدا كذا قال السنوسى رحمه الله تعالى * واقول لعل فيما ذكره بحثا لان المعتزلة والروافض انما منعوا بالعقل جواز وقوع المعصية منهم عليهم الصلاة والسلام وما استدل به السنوسى رحمه الله تعالى من عدم النقل انما هو فى الوقوع نفسه وليس الكلام فيه فليتأمل ومنهم من منع كل ما ينفر الطبائع عن متابعتهم وان لم يكن ذنبا لهم كعهر الامهات وكونهن زانيات وفجور الآباء والصغائر الخسيسة دون غيرها من الصغائر ومشى عليه السعد (واما حكمهم) بعد النبوة فقد وقع الاجماع ايضا على عصمتهم عليهم الصلاة والسلام من الكفر وكذلك اجموا على عصمتهم من تعمد الكذب فى الاحكام لان المعجزة دلت على صدقهم فيما يبلغونه عن الله ﷾ فلو جاز تعمد الكذب عليهم عليهم الصلاة والسلام لبطلت دلالة المعجزة على الصدق واما بيان صدوره منهم عليهم الصلاة والسلام فى الاحكام غلطا او نسيانا فمنعه الاستاذ وطائفة كثيرة من الاشاعرة لما فيه من مناقضة دلالة المعجزة القاطعة وجوزه القاضى وقل انما دلت على صدقهم فيما يصدر عنهم قصدا واعتقادا وقال القاضي عياض لا خلاف في امتناعه سهوا وغلطا واما غير الكذب المذكور من المعاصى القولية والفعلية فالاجماع على عصمتهم من تعمد الكبائر والصغائر الدالة على الخسة خلافا للحشوية فانهم جوزوا على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تعمد الكبائر واما اتيان ذلك نسيانا او غلظا فقد اتفقوا