واحفظ قلبي ولساني وقلمى فى هذا المقام العظيم عن الخطأ في حكمك انك على كل شيء قدير لا عاصم الا انت يا ارحم الراحمين، واجعل ذلك السعى مشكورا خالصا لوجهك الكريم يرضيك ويرضى حبيبك جدى المصطفى الذى لم يحمل لتاخير فى الدنيا والاخرة الا بواسطته صلى الله تعالى عليه وسلم واختم لنا بخير في عافية بلا محنة وادخلنا بشفاعته جنتك يارب العالمين (الباب الاول) فى حكم ساب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وفيه ثلاثة فصول * احدها في وجوب قتله اذا لم يتب * والثانى فى توبته واستتابته وتحرير مذهب أبي حنيفة في ذلك * والثالث في حكم سابه من اهل الذمه (الفصل الاول) فى وجوب قتله اذا لم يتب وذلك مجمع عليه والكلام فيه فى مسئلتين * احداهما في نقل كلام العلماء في ذلك ودليله * والثانية فى انه يقتل كفرا او حدا مع الكفر (المسئلة الاولى) قال الامام خاتمة المجتهدين تقى الدين ابو الحسن على بن عبد الكافى السبكي رحمه الله تعالى في كتابه السيف المسلول على من سب الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم قال القاضي عياض اجمعت الامة على قتل منتقصة من المسلمين وسابه قال ابو بكر ابن المنذر أجمع عوام اهل العلم على ان من سب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عليه القتل وممن قال ذلك مالك بن انس والليث واحد واسحاق وهو مذهب الشافعي قال عياض وبمثله قال ابو حنيفة واصحابه والثورى واهل الكوفة والاوزاعى فى المسلم وقال محمد بن سحنون اجمع العلماء على ان شاتم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والمنتقص له كافر والوعيد جار عليه بعذاب الله تعالى له ومن شك في كفره وعذابه كفر وقال ابو سليمان الخطابي لا اعلم احدا من المسلمين اختلف في وجوب قتله اذا كان مسلما * وعن اسحاق بن راهويه أحد الائمة الاعلام فال اجمع المسلمون ان من سب الله تعالى او سب رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم او دفع شيئا مما انزل الله تعالى او قتل نبيا من انبياء الله ﷿ انه كافر بذلك وان كان مقررا بكل ما انزل الله تعالى * وهذه نقول معتضدة بدليلها وهو الاجماع. ولا عبرة بما اشار اليه ابن حزم الظاهرى من الخلاف في تكفير المستخف به فانه شيء لا يعرف لاحد من العلماء ومن استقرأ سير الصحابة تحقق اجماعهم على ذلك فانه نقل عنهم في قضايا مختلفة منتشرة يستفيض نقلها ولم ينكره احد * وما حكى عن بعض الفقهاء من انه اذا لم يستحل لا يكفر زلة عظيمة وخطا عظيم لا يثبت عن احد من العلماء المعتبرين ولا يقوم عليه دليل صحيح، فاما الدليل على كفره فالكتاب والسنة والاجماع والقياس (اما الكتاب) فقوله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا