انه لا يستتاب ولا يسقط القتل عنه وهو قول الليث بن سعد وذكر القاضي عياض انه المشهور من قول السلف وجمهور العلماء وهو احد الوجهين لاصحاب الشافعي وحكى عن مالك واحمد انه تقبل توبته وهو قول ابى حنيفة واصحابه وهو المشهور من مذهب الشافعي بناء على قبول توبة المرتد انتهى * فانظر كيف صرح في هذه المواضع المتعددة مع نقله عن جماعات من ائمة مذهب الحنابلة بان مذهب ابي حنيفة قبول توبته وكفى بهؤلاء الأئمة حجة فى اثبات ذلك * فقد اتفق على نقل ذلك عن الحنفية القاضي عياض والطبرى والسبكى وابن تيمية وائمة مذهبه ولم يذكر واحد منهم خلاف ذلك عن الحنفية * بل يكفى فى ذلك الامام السبكى وحده فقد قيل في حقه لو درست المذاهب الاربعة لاملاها من صدره * وهذا كله حجة فى اثبات ذلك كما ذكرنا لو خلت كتب الحنفية عن ذكر الحكم فيها ولكنها لم تخل عن ذلك (فقد رأيت في كتاب الخراج للامام ابي يوسف في باب الحكم في المرتدين عن الاسلام بعد نحو ورقتين منه ما نصه وقال ابو يوسف وايما رجل مسلم سب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم او كذبه او عابه او تنقصة فقد كفر بالله تعالى وبانت منه امرأته فان تاب والا قتل وكذلك المرأة الا ان ابا حنيفة قال لا تقتل المرأة وتجبر على الاسلام انتهى بلفظه وحروفه وقوله الا ان ابا حنيفة الخ استثناء من قوله والا قتل اى ان لم يتب قتل ولما كان قتله اذا لم يتب متفقا عليه بين ائمة الدين نبه على انه ليس على اطلاقه بل يخرج منه المرأة عند شيخه ابي حنيفة واتباعه فانها لا تقتل عندهم للنهى عن قتل النساء وقد اشار بقوله فان تاب والا قتل الى انه ان تاب سقطت عنه عقوبة الدنيا والآخرة فلا يقتل بعد اسلامه والا لم يصح قوله والا قتل فانه علق القتل على عدم توبته فعلينا ان معنى قبول توبته عندنا سقوط القتل عنه فى الدنيا ونجاته من العذاب فى الاخرة ان طابق باطنه ظاهره وهذا ايضا صريح النقول التي قدمناها فليس قبول توبته خاصا بالنسبة الى الآخرة مع بقاء حق الدنيا بلزوم قتله والا لم يبق فرق بين مذهبنا ومذهب المالكية والحنابلة القائلين بعدم قبول توبته لانهم متفقون على قبولها فى حق احكام الآخرة * فقد ثبت ان العلماء رحمهم الله تعالى حيث ذكروا القبول وعدمه في هذه المسئلة فان مرادهم به بالنسبة الى القتل الذى هو الحكم الدنيوى واما الحكم الاخروى فانه مبنى على حسن العقيدة وصدق التوبة باطنا وذلك مما يختص بعلمه علام الغيوب جل وعلا (ورأيت) في كتاب النتف الحسان لشيخ الاسلام السعدى فى كتاب المرتد ما نصه والسابع من سب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فانه مرتد وحكمه حكم المرتد ويفعل به ما يفعل