للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بان حكمها انها تحبس ولا تقتل وقد تقرر فى كتب الاصول ايضا ان الاستثناء من دلائل العموم * فقد ظهر لك ان عدم قتل الساب اذا اسلم وتاب منصوص عليه في المتون بعبارة النص لانه داخل تحت ما سيق له نظم الكلام لا بطريق الدلالة او الاشارة او الاقتضاء وفى غير المتون منصوص عليه بخصوصه وكفى بذلك دلالة على افادة حكمه اذ دلالة التنصيص والتصريح على الدلالات والله تعالى اعلم (فان قلت) لا نسلم ارادة العموم في عبارة المتون وان كانت عامة بدليل ان اصحاب الشروح والفتاوى ذكروا ان المختار فى الزنديق والساحر أنهما يقتلان ولا تقبل توبتهما بعد الاخذ (قلت) ما فى المتون انما هو بيان لموجب الردة لان تعليق الحكم على المشتق يؤذن بعلية الاشتقاق كما قدمناه فقولهم المرتد يقتل الا ان يسلم معناه يقتل لردته فاذا لنتفى موجب القتل بالاسلام انتفى القتل وهذا باق على عمومه لم يخرج منه شئ واما الزنديق والساحر فانما قتلا وان تابا لا لخصوص الردة وانما هو لدفع شرهم او ضررهما عن العباد كقتل البغاة والاعونة والخناق والخوارج وان كانوا مسلمين فما فى الشروح والفتاوى بيان لموجب شئ اخر غير الردة وهو السعى فى الارض بالفساد كما سيأتي توضيحه فبقى كلام المتون على عمومه شاملا للساب لان علة قتله انما هي ردته كما حققناه وسيأتى له زيادة توضيح ايضا (فان قلت) جميع ما قررته واضح ولكنا رأينا في كلام بعض المتأخرين ما يخالفه فقد قال فى البزازية ما نصه اذا سب الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم او واحدا من الأنبياء فانه يقتل حدا ولا توبة له اصلا سواء بعد القدرة عليه والشهادة او جاء تائبا من قبل نفسه كالزنديق لانه حد وجب فلا يسقط بالتوبة ولا يتصور فيه خلاف لا حد لانه حق تعلق به حق العبد فلا يسقط بالتوبة كسائر حقوق الادميين وكحد القذف لا يزول بالتوبة بخلاف ما اذا سب الله تعالى ثم تاب لانه حق الله تعالى ولان النبي بشروا البشر تلحقهم المعرة الا من اكرمه الله تعالى والبارى تعالى منزه عن جميع المعايب وبخلاف الارتداد لأنه معنى ينفرد به المرتد لاحق فيه لغيره من الادميين ولكونه بشرا قلنا اذا شتمه سكران لا يعفى ويقتل حدا وهذا مذهب ابى بكر الصديق رضى الله تعالى عنه والامام الاعظم (١) والبدرى واهل الكوفة والمشهور من مذهب مالك واصحابه قال الخطابي لا اعلم احدا من المسلمين اختلف في وجوب قتله اذا كان مسلما وقال سحنون المالكي اجمع العلماء ان شاتمه كافر وحكمه القتل ومن شك فى عذابه وكفره كفر قال الله تعالى (ملعونين


(١) قوله والبدرى كذا فى البزازية وصوابه والثورى كما في الشفاء وغيره منه

<<  <  ج: ص:  >  >>