للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قلت) ما ذكرته ايها السائل * من هذه النقول والدلائل * مخالف لما قدمته لك فقد تعارضت عباراتهم في هذه المسئله * فصارت مشكلة * ولزم النظر الدقيق * فيما يكون به الترجيح او التوفيق * ويتوقف ذلك على ذكر مقدمه * عند علمائنا مسلمه * قال الشيخ الامام العلامة الشيخ امين الدين بن عبد العال في فتاواه جوابا عن مسئلة ناقلا عن الخلاصة وقاضى خان والحاوى القدسى وغيرهم * اذا اختلفت الروايات عن ابي حنيفة في مسئلة فالاولى ان يأخذ باقواها حجة ومتى كان قول ابى يوسف ومحمد موافقا لقول الامام لا يجوز التعدى عنه والعمل برواية منفردة عنه الا فيما مست الضرورة اليه وعلم انه لو كان حيا وراى ما راى لافتي به فح يعمل بتلك الرواية واذا كان معه احد صاحبيه كابي حنيفة وابى يوسف او كابي حنيفة ومحمد فهو كالحكم فيها اذا حصلت الموافقة بين الكل وان حصلت المخالفة منهما له يؤخذ بقوله ولا يخير في ذلك المفتى * وفى شرح الطحاوى المفتى بالخيار ان شاء اخذ بقول ابي حنيفة وان شاء اخذ بقولهما وقال عبد الله بن المبارك ينبغي ان يؤخذ بقول ابي حنيفة وفى قاضى خان ان كان مع ابي حنيفة احد صاحبيه يؤخذ بقولهما لوفور الشرائط واستجماع ادلة الصواب وان خالفاه فلا يخلو اما ان تكون المخالفة حجة وبرهان فيوخذ بقول الامام او مخالفة عصر وزمان كالقضاء بظاهر العدالة فيؤخذ بقولهما لتغير احوال الزمان وفى المزارعة والمعاملة يختار قولهما لاجتماع المتأخرين على ذلك وفيما سوى ذلك يخير المفتى المجتهد ويعمل بما افضى اليه رايه وقال ابن المبارك يؤخذ بقول ابى حنيفة والاصح ان العبرة لقوة الدليل * ومتى لم يوجد فى المسئلة رواية عن ابي حنيفة يؤخذ بظاهر قول ابي يوسف ان كان ثم بظاهر قول محمد ان كان ثم بظاهر قول زفر كذلك ثم بظاهر قول الحسن كذلك فان لم يوجد لهؤلاء نص فى المسئلة ولا لمن شاكلهم من كبار الاصحاب ينظر فان تكلم فيها المتأخرون واتفقوا على قول واحد يؤخذ به وان اختلفوا يؤخذ بقول الاكثرين وما اعتمده الكبار من المشايخ المعروفين كابي حفص وابى جعفر وابي الليث والطحاوى وغيرهم من امثالهم * وان لم يوجد منهم جواب فح ينظر المفتى فيها نظر تأمل دقيق * لعله ان يقف على التحقيق * ويقربه الى الرشد والسداد * لبيان درجة الراسخين الامجاد * والمراد بالمفتي الذي يتخير بين الاقوال هو المجتهد الذى له قوة نظر واستنباط * واما اهل زماننا واشياخهم واشياخ اشياخهم فلا يسمون مفتين بل ناقلون حاكون * هذا ما رأيت عليه مشايخنا كمولانا الشيخ برهان الدين الكركي ومولانا الشيخ عبد البر ابن الشحنه والشيخ

<<  <  ج: ص:  >  >>