على ذلك جماعة من العلماء كمنلا مسكين والقهستانى وصاحب البحر وبعض محشى الاشباه والعلائى وغيرهم بل عامة اهل العصر على ذلك وهو سبق قلم من صاحب الجوهرة لان المفتى به جواز الاستئجار على تعليم القرآن لا على تلاوته فان اصل مذهب ابي حنيفة واصحابه كلهم انه لا يجوز الاستئجار على الطاعات اصلا حتى على تعليم القرآن كما هو مصرح به في كتب المذهب متونا وشروحا وفتاوى ولكن افتى المتأخرون من مشايخ المذهب الذين هم اهل الاختيار والترجيح بالجواز على التعليم وزاد بعضهم الاذان والامامة للضرورة وهى خوف ضياع القرآن وتعطيل الاذان والامامة اللذين هما من شعائر الدين لان المعلمين كان لهم عطايا من بيت المال ثم انقطعت فاذا لم ياخذوا الاجرة لا يشتغلون بالتعليم والاذان والامامة فيلزم ضياع الدين فافتي المتأخرون بجواز الاستئجار لهذه الضرورة كما صرحوا بذلك فى عامة كتب اصحابنا * ولاشك انه لو انتظم بيت المال وعادت العطايا على حالها لا يسع احدا من المتأخرين ان يقول بالجواز اصلا لعدم الضرورة لانهم ما خالفوا المذهب الا لخوف الضرورة المذكورة لعلمهم بان ابا حنيفة واصحابه لو كانوا احياء لافتوا بالجواز لهذه الضرورة * ومعلوم قطعا انه لا ضرورة تدعو الى القول بجواز الاستئجار على مجرد التلاوة واهداء ثوابها الى روح المستأجر او روح احد من أمواته * فكيف يسوغ لصاحب الجوهرة ان يقول المفتى به جواز الاستئجار على اللاوة المجردة ويخالف اصل المذهب وما افتى به المتأخرون لان ما افتوا به من الجواز انما هو فيما فيه ضرورة ضياع الدين دون غيره حتى صرح اصحاب الفتاوى بانه لو اوصى لقارئ يقرأ عند قبره فالوصية باطلة وعللوا ذلك بقولهم لانه يشبه الاستئجار على التلاوة فعلمنا ان الاستئجار على التلاوة غير صحيح * وقد قالوا ان الآخذ والمعطى آثمان ولم نر لصاحب الجوهرة سلفا من اصحاب المذهب اهل التصحيح والترجيح حتى يكون لنا شبهة فى اتباعه بل او وجد ذلك لم يعدل عن اصل المذهب وما مشى عليه اصحاب المتون والشروح والفتاوى فعلمنا انه سبق قلمه من التعليم الى التلاوة ومع هذا قد تبعه جماعة كثيرون حتى انهم لم يكتفوا بذلك بل صاروا يقولون ان مذهب المتاخرين المفتى به جواز الاستئجار على الطاعات ويطلقون العبارة مع انه يلزم منه انه يجوز للرجل ان يستأجر من يصوم عنه او يصلى عنه ولااظن احدا من المسلمين يقول بذلك. وقد كنت بسطت الكلام على هذه المسئلة فى رسالة سميتها شفاء العليل وبل الغليل في بطلان الوصية بالختمات والتهاليل فان اردت الوقوف على عين اليقين فارجع اليها فان فيها ما يشفى ويكفي فان ما ذكرناه