حرام ثم قال بعد سوقه لبعض ما ورد في فضلهم وفي حق من آذاهم* وقد اختلف العلماء في هذا فمشهور مذهب مالك في ذلك الاجتهاد والأدب الموجع قال مالك رحمه الله تعالى من شتم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قتل ومن شتم أصحابه أدب وقال أيضًا من شتم أحدًا من أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أبا بكر أو عمر أو عثمان أو معاوية أو عمرو بن العاص فإن قال كانوا في ضلال (١) قتل وإن شتمهم يغير هذا من مشاتمة الناس نكل نكالًا شديدًا* وقال ابن حبيب من غلا من الشيعة إلى بغض عثمان والبراءة منه أدب أدبًا شديدًا ومن زاد إلى بغض أبى بكر وعمر فالعقوبة أشد ويكرر ضربه ويطال سجنه حتى يموت ولا يبلغ به القتل إلا بسب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وقال سحنون من كفر أحدًا من أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عليا أو عثمان أو غيرهما يوجع ضربًا وحكى أبو محمد بن زيد عن سحنون من قال في أبي بكر وعمر وعثمان وعلى أنهم كانوا في ضلال وكفر قتل ومن شتم غيرهم من الصحابة بمثل هذا نكل النكال الشديد وروى عن مالك من سب أبا بكر جلد ومن سب عائشة قتل ثم حكى القاضي عياض قولين فيمن سب غير عائشة من أزواج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أحدهما أنه يقتل لأنَّه سب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بسب حليلته والآخر أنها كسائر الصحابة يجلد حد المفترى قال وبالأول أقول انتهى.
(وقال) شيخ الإسلام ابن تيمية قال القاضي أبو يعلى من قذف عائشة بما برأها الله تعالى منه كفر بلا خلاف وقد حكى الإجماع على هذا غير واحد والأصح أن من قذف واحدة من أمهات المؤمنين فهو كقذف عائشة وأما من سب أحدًا من أصحابه صلى الله تعالى عليه وسلم من أهل بيته أو غيرهم فقد أطلق الإمام أحمد أنه يضرب ضربًا نكالًا وتوقف عن كفره وقتله * قال أبو طالب سألت أحمد عمن شتم أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال القتل أجبن عنه ولكن اضربه ضربًا نكالًا* وقال ابن المنذر لا أعلم أحدًا يوجب قتل من سب من بعد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم * وقال القاضي أبو يعلى الذي عليه الفقهاء في سب الصحابة أن كان مستحلا لذلك كفر وإلا فسق ولم يكفر سواء كفرهم أو طعن في دينهم مع إسلامهم وقد قطع طائفة من الفقهاء من أهل الكوفة وغيرهم بقتل من سب الصحابة وكفر الرافضة وصرح جماعات من أصحابنا بكفر الخوارج المعتقدين البراءة من علي وعثمان ويكفر الرافضة الذين كفرو الصحابة وفسقوهم وسبوهم اهـ ملخصا
(١) قوله قتل أي لأنَّه اعتقد ما هم عليه كفرا مع أنهم كانوا في أعلا مراتب الدين ومن اعتقد الإسلام كفرا فقد كفر تأمل منه.