للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتأويلهم الباطل انتهى ما في فتح القدير. ثم ذكر ما يدل على ذلك من كلام الإمام محمد أيضًا فراجعه واقرأه في البحر.

(أقول) والقول الثاني الذي ذكره في المحيط هو ما قدمناه عن شرح الاختيار وشرح العقائد ويمكن التوفيق بينه وبين ما حكاه ابن المنذر بأن مراد الذين كفروا من خالف ببدعته دليلا قطعيا من اتبع هواه بلا شبهة دليل أصلا من زعم غلط جبريل ونحوه ممن كذب ببدعته النصوص القطعية بخلاف الخوارج الذين خرجوا على سيدنا كرم الله وجهه فإنهم خرجوا عليه بزعمهم أن من حكم غير الله تعالى فهو كافر وكذا المعتزلة ونحوهم من أهل البدع. كما أشار إلى ذلك العلامة المحقق الشيخ إبراهيم الحلبي في شرحه الكبير على منية المصلى في باب الإمامة حيث قال بعد كلام وعلى هذا يجب أن يحمل المنقول أي عن أبى حنيفة والشافعي من عدم تكفير أهل القبلة على ما عداها غلاة الروافض ومن ضاهاهم فإن أمثالهم لم يحصل منهم بذل وسع في الاجتهاد فإن من يقول أن عليا هو الإله أو بأن جبريل غلط ونحو ذلك من السخف إنما هو متبع مجرد الهوى وهو أسوأ (١) حالا ممن قال ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى فلا يتأتى من مثل الإمامين العظيمين (أي أبى حنيفة والشافعى أن لا يحكم بأنهم من أكفر الكفرة وإنما كلامهما في مثل من له شبهة فيما ذهب إليه وإن كان ما ذهب إليه عند التحقيق في حد ذاته كفرا كمنكر الرؤية وعذاب القبر ونحو ذلك فإن فيه إنكار حكم النصوص المشهورة والإجماع إلا أن لهم شبهة قياس الغائب على الشاهد ونحو ذلك مما علم في الكلام وكمنكر خلافة الشيخين والساب لهما فإن فيه إنكار حكم الإجماع القطعي إلا أنهم ينكرون حجية الإجماع باتهامهم الصحابة فكان لهم شبهه في الجملة وإن كانت ظاهرة البطلان بالنظر إلى الدليل فبسبب تلك الشبهة التي أدى إليها اجتهاد هم لم يحكم بكفرهم مع أن معتقدهم كفر احتياطا بخلاف مثل من ذكرنا من الغلاة فتأمل * انتهى وهو تحقيق* بالقبول حقيق* وبه يتحقق ما ذكرناه من التوفيق، وحاصله أن المحكوم بكفره من أداه هواه وبدعته إلى مخالفة دليل قطعى لا يسوغ فيه تأويل أصلا كرد آية قرآنية أو تكذيب نبي أو إنكار أحد أركان الإسلام ونحو ذلك بخلاف غيرهم كمن اعتقد أن عليا هو الأحق بالخلافة وصاروا يسبون الصحابة لأنهم منعوه حقه ونحوهم فلا يحكم بكفره


(١) قوله وهو أسوأ حالا الخ أي لأنه اعتقد الألوهية في علي والذين عبدوا الأصنام لم يعتقدوا الألوهية فيها وإنما عبدوها تقربا إلى الله تعالى الذى هو الإله وإنما سموها آلهة لاشراكهم إياها له تعالى في العبادة منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>