الحمد لله رب العالمين، الذي وفق من شاء من الواقفين، على شروط الواقفين، التي لم تزل العلماء فيها متحيرين، لفهم الحق المبين، بواضح الادلة والبراهين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه نخبة العاملين، وقدوة العابدين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
(أما بعد) فيقول العبد الفقير محمد أمين، الشهير بابن عابدين، غفر الله له ولوالديه والمسلمين أجمعين، قد وقع السؤال عن قول واقف في كتاب وقفه يقسم ريع الوقف على الموقوف عليهم على الفريضة الشرعية هل المراد به المفاضلة بين الذكور والإناث أم القسمة بالسوية، فأردت تحرير الجواب، بلا إيجاز ولا إطناب، في رسالة (سميتها) العقود الدريه، في قولهم على الفريضة الشرعيه فأقول وبالله التوفيق، ومن فيض فضله استمد التحقيق، أن هذه المسئلة قد اختلفت فيها فتاوى المفتين، من العلماء المتأخرين، حيث لم يرد فيها نص عن الأئمة المتقدمين، وقد ألف فيها رسالة شيخ الإسلام العلامة يحيى ابن المنقار المفتى بدمشق الشام، سماها الرسالة المرضية في الفريضة الشرعية، وافقه عليها كثير من أهل عصره، وصوبوا ما ابتكره بثاقب فكره، وخالفه فيها آخرون، والكل أئمة معتبرون، فها أنا أذكر لك جملة من كلام الفريقين، وأضم إليها ما تقربه العين ويقربه كل منصف مسعف، غير حسود متلهف، ولا عدو متأسف، على حسب ما بظهر لفهمى السقيم، وفوق كل ذي علم عليم.
(فصل) في تلخيص ما في الرسالة المرضية للعلامة ابن المنقار وهو أنه قد وقع السؤال في رجل وقف وقفه حال صحته على أولاده وأولاد أولاده وذريته ونسله وعقبه على الفريضة الشرعيه وجعل آخره للفقراء وله أولاد أولاد ذكور وأناث كيف تقسم الغلة بينهم (فأجاب) شيخ الإسلام محمد الحجازي الشافعي بأنه تقسم على جميعهم حيث لم يقل الواقف للذكر مثل حظ الأنثيين، وبه أفتى الشيخ سالم السنهوري المالكي والقاضي تاج الدين الحنفى وغيرهما (ومما) يؤيده قول الخصاف أصل الوقف إنما يطلب به ما عند الله تعالى وهو الثواب وأصله للمساكين انتهى، فلابد من اعتبار الصدقة في الوقف لتصحيح أصله، وقال الله تعالى ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ