لا للاستغلال تكون عمارتها على الساكن، كما هو منصوص عليه في المتون والشروح والفتاوى، وكذا في الخصاف والإسعاف؛ لئلا يلزم مخالفة شرط الواقف؛ لأنه لو لم تكن عمارتها على الساكن لزم أن تؤجر وتعمر من الأجرة، فتكون للغلة، وقد شرطها الواقف للسكنى، ولا يخالف شرطه إلا لضرورة، كما لو كان الساكن فقيرا مثلا فح تؤجر بقدر ما تعمر به، وأما إذا كانت هذه الدار من جملة عقارات موقوفة مشتملة على مستغلات، وقد شرط الواقف عمارة وقفه من غلته، فإن كان استثنى هذه الدار من ذلك، فالحكم ما مر من أن عمارتها على الساكن، وإلا فتعمر من ريع وقفه، كبقية أماكن الوقف؛ اتباعا لشرط الواقف، كما لو شرط في ريعه مرمة محل آخر أجنبي، كمسجد، أو رباط، أو نحو ذلك، أو وقف أرضين وشرط أن ينفق من غلة أحدهما على الأخرى، كما نص عليه الإمام الخصاف.
وما تقدم عن المتون وغيرها لا يخالف هذا؛ لأنه فيما إذا لم يشترط ذلك، ثم إذا كانت المرمة والعمارة لهذه الدار في غلة الوقف كما شرط الواقف، واحتاج الناظر إلى ذلك، وليس عنده من ريع الوقف ما ينفق منه، فأنفق من مال نفسه ليرجع، وأشهد على ذلك فله الرجوع، وإلا فلا، كما ذكره في البحر وغيره، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وقد حصل لي أولا نوع تردد في هذا الجواب، ثم عرض علي السائل هذا السؤال بخط مفتي
اللاذقية
الفقيه النبيه: السيد عبد الله السندي، وأجاب عنه بمثل ذلك، وعليه خطوط بموافقته لجماعة من العلماء؛ منهم الشيخ العلامة محمد البسطي مفتي الحنفية بمصر المحروسة، ومنهم العلامة الفقيه السيد أحمد البزري مفتي الحنفية بصيدا، ومنهم الشيخ صالح الغزي الحنيفي، ومنهم الشيخ محمد الشبراوي الشافعي الأزهري.