للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في البحر عدم صحة الإجارة عن الاسبيجابي * وفي المنبع اتفق العلماء على الأرزاق (١) في الحج واختلفوا في الإجارة فمنعها ابو حنيفة واحمد ومن تابعهما وجوزها مالك والشافعى باجرة معلومة * والاعمال أنواع ثلاثة ما يجوز فيه الارزاق والإجارة كبناء المساجد ونحوها وما تمتنع فيه الإجارة دون الارزاق كالقضاء والفتيا وما اختلف في جواز الإجارة فيه دون الارزاق كالامامة والاذان والإقامة والحج انتهى * فتحرر لنا أن الاستنابة للحج غير الاستئجار عليه والفرق بينهما قد علم بأنه لا يملك النفقة بالاستنابة ويملكها بالإجارة * وعلمنا أنه لا يلزم من عدم صحة الإجارة عدم وقوع الحج عن المستأجر ووقوعه عن الآمر هو ظاهر المذهب وهو الصحيح وعن محمد أنه يقع عن المأمور وللآمر ثواب النفقة ولكن يسقط اصل الحج عن الآمر قال شيخ الإسلام واليه مال عامة المتأخرين وبعض الفروع ظاهرة في هذا القول * هذا حاصل ما ذكره الشرنبلالي رحمه الله تعالى وصحح قاضي خان في فتاواه ظاهر المذهب ورجح في شرحه على الجامع الصغير الثانى حيث قال وهو أقرب إلى الفقه وكأن الشرنبلالي لم ير عبارة الجامع فاعترض على ابن الهمام في نقله ترجيح الثاني عن قاضي خان بأنه لم يرجحه بل رجح الأول تأمل قلت فثبت بما قلناه عدم جواز الاستئجار على الحج كغيره من الطاعات سوى ما مر* وممن صرح بذلك صاحب الهداية والكنز والمجمع والمختار والوقاية وغيرهم نصوا على ذلك في كتاب الإجارة ثم استثنوا تعليم القرآن من الطاعات وبعضهم استثنى أيضًا تعليم الفقه والامامة والاذان والإقامة كما علمت ذلك مما نقلناه عن المتون وغيرها وهذا من اقوى الادلة على ما قلنا من أن ما افتوا به ليس عاما في كل طاعة بل هو خاص بما نصوا عليه مما وجد فيه علة الضرورة والاحتياج فإن الاستثناء من ادوات العموم كما تقرر في الاصول * وحيث نصوا على أن مذهب ائمتنا الثلاثة المنع مطلقا مع وضوح الادلة عليه واستثنى بعض المشايخ اشياء وعللوا ذلك بالضرورة المسوغة لمخالفة اصل المذهب كيف يسوغ للمقلد طرد ذلك والخروج عن المذهب بالكلية من غير حاجة ضرورية * على أنه لو ادعى أحد الحاق ما فيه ضرورة غير ما نصوا عليه به فلنا أن نمنعه وإن وجدت فيه العلة إلا أن يكون من أهل القياس فقد نص ابن نجيم في بعض رسائله على أن القياس بعد الاربعمائة منقطع فليس لاحد بعدها أن يقيس مسئلة على مسئلة فما بالك بالخروج عن المذهب فعلى المقلد اتباع المنقول ولهذا لم نر أحدا قال بجواز الاستئجار على الحج بناء على ما افتى به المتأخرون


(١) الارزاق جمع رزق وهو ما يرزقه القاضى ونحوه من بيت المال منه.

<<  <   >  >>