للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بذلك انتهى (قلت) لا يحتاج إلى الجواب بعد ما اسمعناك من كلام ائمتنا متونا وشروحا وفتاوى من أن الجائز أخذ الاجرة على التعليم بعد تصريحهم بعدم جوازه على سائر الطاعات وسمعت التصريح بعدم جوازه على خصوص التلاوة في كلام الرملى والتاترخانية والولوالجية والمحيط البرهاني وغيرها فهو مخالف لاصل المذهب ولما افتى به المتأخرون ومخالف للقواعد أيضًا فإنه حيث لم يسم اجرة تكون الإجارة فاسدة والواجب فيها اجر المثل أن ثبت أن الاستئجار على ذلك صحيح بشروطه والا فلا يجب شي اصلا واجر المثل لا يكون مقدرا بعدد مخصوص في كل وقت ومكان واين النص على ذلك مع ما تقدم من أحاديث الوعيد الشديد على الآخذ، على أن هذا أن ثبت نقله عن الزاهدى نقول قد صرح ابن وهبان في كتاب الشرب والاشربة ونقله عن العلامة ابن الشحنة وغيره بأنه لا عمل ولا التفات إلى كل ما قاله الزاهدى مخالفا للقواعد ما لم يعضده نقل من غيره (فإن قلت) ما نقلته عن العلامة البركوى من بطلان الوقف أيضًا على القراءة ونحوها مشكل فانا نرى عامة المساجد والمدارس القديمة يجعل بانوها شيأ من ريع وقفهم لقراءة الاجزاء ونحوها وما سمعنا أحدا قال بحرمة ذلك وبطلانه (قلت) أشار البركوى إلى جوابه في رسالته بأن الجائز أن يقف الرجل على من يشتغل بقراءة القرآن حسبة كمن يقف على الارامل واليتامى والفقراء من الفقهاء والمعلمين والمتعلمين والصالحين فهذه الأوقاف جائزة لأن ذكر هذه الأشياء تعيين مصرف غلة الوقف لا امر فيها بشيء لنفسه فتكون صلة تعطى لمن اتصف بتلك الصفات ولا كلام فيها بل الكلام في عكس هذا أعني من يقف ويأمر بالقراءة وإعطاء الثواب ويقرأ هو لاجل المال فلا يتصور فيه معنى الصلة، ولذا قال في المحيط البرهاني ولا معنى لصلة القارئ بقراءته وفي لفظ التعيين وفى المصرف اشعار بما قلنا انتهى، وهكذا قال سيدى العارف الشيخ عبد الغني النابلسي في شرحه على الطريقة المحمدية حيث قال في بحث الرياء واما الأوقاف الآن والصدقات الجارية على قراءة الاجزئة القرآنية واجزاء صحيح البخاري ومسلم ومعلومات المؤذنين والمدرسين في الجوامع والمدارس ونحوها فهى موقوفة على كل من يفعل هذه العبادات في هذه المواضع المخصوصة لا بشرط أن يكون ثوابها للواقف والمتصدق بذلك بل للواقف وللمتصدق ثواب الصدقة بذلك على القائمين بهذه العبادات وثواب اعمالهم على ذلك كله لهم لا للواقف والمتصدق وإنما هذه الوظائف اعانة لهم على طاعة الله تعالى فقط

<<  <   >  >>