للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعلمون والأئمة والمؤذنون من غلات الأوقاف إنما يأخذونه صلة وصدقة وبرا ومجازاة على الإحسان لا اجرة وجعالة فمن ظن غير ذلك فقد ظن بهم ظن السوء ومن شك في شيء مما ذكرنا فلينظر في بصائر الأوقاف المتقدمة وسجلاتها فإن الذى يكتب فيها هذا ما وقف وحبس وسبل وتصدق وحرر وأبد ثم يؤكدون ذلك أشد تأكيد فيكون في آخره صدقة جارية محررة محرمة مؤبدة يعطى للإمام من ذلك كذا وللمؤذن كذا وللمدرس كذا وهلم جرا ويكتبون بعد ذلك ابتغاء مرضات الله تعالى وطلبا للثواب ولا يوجد في بصائر الأوقاف ذكر الإجارة ولا الجعالة انتهى ملخصا ولنذكر بعض ما حرره في ذلك الكتاب، وإن لم يكن في محله او استلزم نوع اسهاب، لأن مبنى كلامنا على التوضيح، والتأييد بكثرة النقول وزيادة التصريح، فقال بعد كلام فقد علمت أن تجويز الإجارة للضرورة وما لا ضرورة فيه لا تجوز الإجارة اصلا كالصلاة والصوم وقراءة القرآن والاصل فيها أن وجوب الإخلاص في كل العبادات شرط في كونه الله تعالى فحرم ارادة الدنيا بعمل الآخرة فلا تكون العبادة بالاجرة خالصة لله تعالى بل هي ملحقة بالرياء بلا شبهة والرياء حرام بالادلة القطعية، ثم حرر أن قول المتأخرين بجواز أخذ الاجرة على الامامة والاذان وتعليم القرآن إنما ارادوا به الاخذ على طريق الصلة والقربة بسبب اتصاف المعطى بعمل من اعمال البر وكذا ارزاق القضاة او يكون مرادهم بالاجرة ما يؤخذ في مقابلة اتعاب النفس في الامامة والتأذين في حضور موضع معين وقيامه به وقتا معينا فإنه ليس بواجب عليه وليس من نفس العبادة وكذا اتعاب نفسه في تلقين سورة شخصا معينا ليس بواجب عليه إلا أن لا يوجد غيره تجويز الإجارة فيها ليس من حيث انها عبادة بل من حيث أنها وسيلة لها، فإن عمل الآخرة نوعان، الأول ما يكون قربة مقصودة بالذات كالصلاة والصوم والتلاوة والتسبيح والحج ونحوها فلا يجوز أخذ الاجرة عليه لأنَّه ما شرع الا بوصف العبادة والخلوص لله تعالى وارادة الدنيا به قلب الموضوع، والثاني ما يكون وسيلة وآلة للنوع الأول كالتعليم والامامة ونحوهما ولا خلاف أنه إذا وجد النية فيه لله تعالى يكون قربة يثاب عليها والا لا ولكن يبقى كونه وسيلة وآلة والمتقدمون لم يجوزوا أخذ الاجرة على النوعين لأن وضعهما لنفع الآخرة والمتأخرون الحقوا الثاني بعمل الدنيا في جواز أخذ الاجرة للضرورة من حيث كونها وسيلة، فإذا فهمت ذلك علمت أنه ليس في مذهب الحنفى وغيره جواز أخذ الاجرة على العبادة المقصودة بالذات وإنما هي على الوسائل من حيث كونها وسيلة، والحاصل أن أخذ الاجرة

<<  <   >  >>