المجتهدين وأوجبوا التسوية بينهم وقالوا يكون آثما في التخصيص وكذا في التفضيل، وفسر محمد العدل بالتسوية بينهم على قدر مواريثهم لأن الشرع جعل ميراثهم كذلك وقاس حالة الحياة على حالة الموت وساعده العرف الجارى بين الناس على ذلك ولكن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قدر سهم البنت ونحوه بالنصف في العطايا فهى سهام مقدرة ثبتت بدليل شرعى فلا يكون الدليل في إحدى المسئلتين دليلا في الأخرى مع قيام الفرق بينهما كما صرحوا به وليس عند المحققين من أهل المذهب فريضة شرعية في باب الوقف إلا هذه بموجب الحديث المذكور وما ذكر في معرض النص لا يساعد الخصم لما صرح به ابن الهمام وغيره من أن العرف غير معتبر في المنصوص عليه لأنَّه يلزم ابطال النص وقد صرح ابن فرشته بأن الأصل في كل شيء الكمال والظاهر من حال المسلم المبادرة إلى المندوبات واجتناب المكروهات فلا تنصرف الفريضة الشرعية في باب الوقف إلا إلى التسوية لنيل الثواب والفريضة من الفرض وهو التقدير والشارع قدر السهم في العطايا كما علمت انتهى حاصل ما في رسالة ابن المنقار وقد نقل فيها عن السيوطي والقاضى زكريا والإمام السبكي ما يؤيد كلامه.
(تنبيه) قد تلخص من كلامه الذى قررناه الاستدلال على أن المراد من قولهم على الفريضة الشرعية التسوية بين الذكر والأنثى بقياس مركب وتقريره أن الوقف عطية يطلب بها الثواب وكل عطية يطلب بها الثواب فهى صدقه فالوقف صدقة والواقف في حال الصحة على الأولاد صدقة وكل صدقة في حال الصحة على الأولاد فالمشروع فيها التسوية فالوقف في حال الصحة على الأولاد المشروع فيه التسوية، وبيان تقريب الدليل على وجه يستلزم المطلوب أن الوقف في حال الصحة على الأولاد عطية والمشروع فيها التسوية بنص الحديث فصارت التسوية هى الفريضة المقدرة في باب العطية للأولاد شرعا فإذا قال ذلك الواقف على الفريضة الشرعية ولم يقيد بتسوية ولا مفاضلة كان كلامه محمولا على ما عهد شرعا في باب العطية لأن الأصل الكمال وشأن المسلم المبادرة إلى الامتثال فيراد بها التسوية لأنها المشروعة الكاملة التي يحصل بها الامتثال وإن أمكن جل كلامه على إرادة المفاضلة من حيث كونها صحيحة شرعا فلا يعتبر ذلك لما قلنا، وأما كون العرف صارفا عن ذلك ومعينا لإرادة المفاضلة فهو غير معتبر لأنَّه معارض بنص الحديث وإذا تعارض العرف مع النص رجح النص ولغى العرف، هذا تقرير خلاصة ما قدمناه على القوانين الجدلية.
(فصل) في الجواب عن ذلك بمنع الكبرى من مقدمات الدليل وهي القائلة وكل صدقة في حال