والله تعالى أعلم (تنبيه) اعلم أن كلا من العرف العام والخاص إنما يعتبر إذا كان شائعًا بين أهله يعرفه جميعهم ولهذا نقل البيرى في شرح الأشباه عن المستصفى ما نصه التعامل العام أي الشائع المستفيض والعرف المشترك لا يصح الرجوع إليه. مع التردد انتهى (ثم) نقل عن المستصفى أيضا ما نصه ولا يصلح مقيدا لأنه لما كان مشتركا صار متعارضا انتهى (فقوله) التعامل العام يشمل العام مطلقا أي في جميع البلاد والعام المقيد أي في بلدة واحدة فكل منهما لا يكون عاما تبنى الأحكام عليه حتى يكون شائعا مستفيضا بين جميع أهله أما لو كان مشتركا فلا يبنى عليه الحكم للتردد في أن المتكلم قصد هذا المعنى أو المعنى الآخر فلا يتقيد أحد المعنيين لتعارضهما بتحقق الاشتراك (اقول) وينبغى تقييد ذلك بما إذا لم يغلب أحد المعنيين على الآخر كما يشعر به قوله والعرف المشترك فإن الاشتراك يقتضى تساوى المعنيين وكذا قوله صار متعارضا فإن المرجوح لا يعارض الراجح وإنما المتعارضان ما كانا متساويين أما لو كان أحدهما أشهر كانت الشهرة قرينة على إرادته (ولذا) قال في الأشباه إنما تعتبر العادة إذا اطردت أو غلبت ولذا قالوا في البيع لو باع بدراهم أو دنانير وكانا في بلد اختلف فيها النقود مع الاختلاف في المالية والرواج انصرف البيع إلى الأغلب قال في الهداية لأنه هو المتعارف فينصرف المطلق إليه انتهى فهذا صريح فيما قلناه والله تعالى أعلم (فصل) في ذكر بعض فروع مهمة مبنية على العرف (منها) ما في الذخيرة البرهانية وغيرها لو جهز ابنته فماتت فادعى أنه دفعه عارية لا ملكا فالقول للزوج لأن الظاهر التمليك وحكى عن السندى أنه للأب لأن اليد من جهته وقال الصدر الشهيد في واقعاته المختار للفتوى أن القول للزوج إذا كان العرف مستمرا أن الأب يدفع مثله جهارا لا عارية كما في ديارنا وإن كان مشتركا فالقول للأب انتهى (ومشى) عليه في التنوير من كتاب العارية وكذا في الأشباه وصرح أيضا بأن هذا التفصيل هو المختار للفتوى وحكى عن قاضى خان قولا رابعا وهو قوله وعندى أن الأب إن كان من كرام الناس وأشرافهم لم يقبل قوله وإن كان من الأوساط قبل انتهى (أقول) ويمكن التوفيق بأن القول الأول مبنى على استمرار العرف بقرينة قوله لأن الظاهر التمليك أي الظاهر في العرف والعادة المستمرة أما إذا لم يكن ذلك هو العادة المستمرة لم يكن التمليك ظاهرا بل كان القول لأب لأنه لا يعرف إلا من جهته وعلى هذا يحمل قول السغدى أنه للأب وأما ما ذكره قاضى خان فهو في الحقيقة بيان لموضع الاستمرار وموضع الاشتراك الواقعين في القول المختار للفتوى بإن استمرار دفعه جهازا لا عارية إنما هو فيما