للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا قاس مسئلة على مسئلة وحكم وظهر رواية أن الحكم بخلافها فالخصومة المدعى عليه يوم القيمة على القاضي وعلى المدعى لأن القاضي آثم بالاجتهاد لأنه ليس أحد من أهل الاجتهاد في زماننا والمدعى آثم باخذ المال انتهى فإذا لم يكن الصدر الشهيد مجتهدا وقال الاجتهاد ذهب مع اهله مع علو مقامه في العلم والفقه وقد استشهد في سنة خمس وثلاثين وخمسمائة وتوفى صاحب الخلاصة في سنة سبعين وخمسمائة فما بالك باهل زماننا هذا (وقد) نقلوا عن ائمتنا أنه لا يحل لاحد أن يفتى بقولنا حتى يعلم من اين قلنا أي حتى يعلم المفتى دليل الحكم ووجهه فإذا كان دليله القياس على غيره مثلا وعرف وجه الحاقه بالمقيس عليه يكون قد عرف علة الحكم فإذا وقعت حادثة وجدت فيها تلك العلة بعينها يعلم انها من جزئيات ذلك الحكم الذي قاله المجتهد بخلاف ما إذا لم يعلم العلة فإنه يكون إلى الخطأ اقرب منه إلى الصواب كما في مسئلتنا هذه فإن الفقهاء قالوا إذا زادت أجرة المثل في اثناء المدة وقبل المستأجر الأول الزيادة فهو أحق واهل زماننا سمعوا أن المستأجر الأول إذا قبل الزيادة فهو احق فقالوا إذا فرغت مدة اجارته كان احق إذا قبل الزيادة أيضا فاخطأوا حيث لم يعرفوا وجه الاحقية في المسئلة المنصوصة وهو كون مدته باقية وقبوله لما هو علة لفسيخ الموجر عقد الإجارة وانه بقبوله ذلك تزول علة الفسيخ فيكون احق وهذا الوجه لم يوجد فيما إذا فرغت المدة ونظير ذلك أن ائمتنا الثلاثة اتفقوا على أنه لا يجوز أخذ الأجرة على تعليم القرآن وغيره من الطاعات ثم جاء من بعدهم من المتأخرين فافتوا بجواز الأجرة على التعليم وعلى الأذان والامامة لأن المعلمين في الصدر الأول كان لهم عطايا من بيت المال تقويم بكفايتهم وكذا المؤذنون والأئمة ثم انقطع ذلك وآل الأمر إلى أن المعلمين ونحوهم إذا اشتغلوا بذلك لا يمكنهم تحصيل ما يكفيهم ويكفى عيالهم إلا باخذ الأجرة فافتى المتأخرون بجواز أخذ الأجرة خوفا على القرآن من الضياع وعلى الأذان والامامة اللذان هما من شعائر الدين لعلمهم بأن الأمر لو كان كذلك في الصدر الأول لقال ائمتنا الثلاثة بجواز أخذ الأجرة لهذه الضرورة وهى خوف الضياع فإذا كانت هذه العلة سببا لمخالفة المتأخرين لأصل المذهب كيف يسوغ لاحد أن يقول بجواز أخذ الأجرة على جميع الطاعات الحاقا لها بالتعليم والاذان والامامة مع عدم الجامع وهو خوف الضياع (وبه) ظهر خطأ من قال أيضا بجواز الأجرة على تلاوة القرآن واهداء ثوابها للميت فإن منشأه الغفلة عن وجه ما قاله المتأخرون من الضرورة المذكورة وانت تعلم أنه لا ضرورة لاخذ الأجرة على مجرد التلاوة واهداء ثوابها للميت فإنه لا يلزم من منع

<<  <   >  >>