للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ} إخبار من الله لعباده بمنزلة نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنده في الملأ الأعلى إذ يثني عليه، والملائكة المقربون يصلون عليه، ثم أمر أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعًا، فأهل السماء ومؤمنو الأرض مجمعون على الصلاة عليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهذا من جليل الشرف ورفيع الدرجة التي له والتي لم تكتمل لغيره عليه الصلاة والسلام، والتي لم يصل إليها سواه، يقول الإمام السخاوي: وغاية مطلوب الأولين والآخرين صلاة واحدة من الله تعالى، وأنى لهم بذلك، بل لو قيل للعاقل أيهما أحب إليك أن تكون أعمال جميع الخلائق في صحيفتك أو صلاة من الله تعالى عليك لما اختار غير الصلاة من الله تعالى، فما ظنك بمن يصلي عليه ربنا سبحانه وجميع ملائكته على الدوام والاستمرار فكيف يحسن بالمؤمن أن لا يكثر من الصلاة عليه، أو يغفل عن ذلك. قاله الفكهاني. (١)

سادسًا: يأتي السؤال مستكملين به معنى الآية فهمًا وتحليلاً، ليوضح ما أشرنا إليه من تشريف النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ودرجته العالية وهو ما معنى الصلاة على النبي؟ سواء كانت من الله تعالى أو من ملائكته أومن المؤمنين، وكذا التسليم وعلاقته بالصلاة؟

أما معنى الصلاة لغة فقد ذكر الأصبهاني في "المفردات" (٢) أن كثيرًا من أهل اللغة قالوا إنها: الدعاء والتبريك والتمجيد، وهو يجمع ما ذكره العلماء والمفسرون من كونها الدعاء والثناء والرحمة (٣)، وإظهار الشرف وتعظيم الشأن (٤)، وإشاعة الذكر الجميل له (٥).


(١) شمس الدين السخاوي "القول البديع" (٣٥ - ٣٦).
(٢) الحسين بن محمد الأصبهاني "المفردات في غريب القرآن".
(٣) انظر الألوسي "روح المعاني" (١٠٩/ ٢٢)، ابن جرير الطبرى، جامع البيان في تفسير القرآن (٢٠/ ٣٢٠).
(٤) ذكره البيضاوي عبد الله بن عمر "أنوار التنزتيل وأسرار التأويل" (٣٨٥/ ٤).
(٥) انظر الحسين بن مسعود البغوي "معالم التنزيل" (٣٦٠/ ١).

<<  <   >  >>