الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وبعد ..
ليس الغرض من دراسة السيرة النبوية مجرد الوقوف على الوقائع التاريخية، أو سرد طرف من القصص والأحداث، شأنها شأن الاطلاع على سيرة أحد الخلفاء في الأزمنة الغابرة. إن الغرض من السيرة أن يتصور المسلم الحقيقة الإسلامية متجسدة مجموعة في حياته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فليست سيرته إلا تطبيق الوحى المنزل من السماء لهداية البشر في شؤنهم كافة وبالتالى يتضح لنا:
١ - أن اختيار الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لهذه المهمة العظمى، إنما هو اختيار للمثل الأعلى لكل شأن من شؤن الحياة الفاضلة التى أرادها الله تعالى لسعادة البشر، ومما لا شك فيه حينئذ أن الانسان إذا أراد البحث عن مثل أعلى في كل ناحية يطلبها من نواحى حياته، الروحية والمادية، النفسية والبدنية فإنه سيجد ذلك بشكل تام الوضوح متناسب الاركان وفي أعلى الكمالات في النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفي ذلك يمن الله تعالى على الناس فيقول:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب: ٢١].
٢ - إن تأمل ما سبق يدل دلالة واضحة على صدق نبوته، وصحة رسالته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ دراسة سيرته تبين بجلاء أن ذلك المثل الأعلى فعلاً وقولاً ظاهراً وباطناً هو الرسول محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،