للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث السادس

عالمية الدعوة

وقبل أن ننتقل عما سلف من نقد لـ"وات" في الدعوة، فلا بد من الإشارة إلى موضوع مهم، وهو من مواضيع "وات" والمستشرقين (١) وهو تجريد دعوة الإسلام من عالميتها، مع أنه أمر كفلق الصبح واضح لكل أعمى أن الإسلام منتشر في المشارق والمغارب من الدنيا، وأن من نشروا الإسلام في أقاصي الأرض من أوربا وآسيا وغيرهما كان كثير منهم غير عرب وهذا الواقع لا يحتاج لأدنى بيان، حتى يشكك في أصله، وأن هؤلاء جميعًا دخلوا في دين لم يأمرهم بذلك، ولم يدعهم إليه.

ونبدأ هنا بذكر الدوافع والبواعث التي جعلت "وات" وغيره يستبعد فكرة عالمية الرسالة الإسلامية.

ويمكن للباحث - وهو في غاية الإنصاف - أن يقول إن الاستشراق بحكم انتمائه للكنيسة وعمله تحت رايتها، أو المؤسسات السياسية المرتهنة للكنيسة في الغالب ليس في استطاعته أن يتقبل فكرة العالمية الإسلامية أو حتى مجرد إثباتها بحثيًا فضلاً عن الترويج لها في كتاباته، إذ معنى ذلك أن تحارب الكنيسة نفسها، وتفقد أحد مبررات وجودها، أو المبرر الأقوى (الأوحد) إن صحت الدعوة الإسلامية عند أحد منهم، وفي ذلك نهاية الوجود


(١) كبروكلمان، وفلهاوزن، الأول في تاريخ الشعوب الإسلامية، والثاني في تاريخ الدولة العربية، ترجمة عبد الهادي أبي ريدة (٤ - ٥)، وانظر عبد الله النعيم، "الاستشراق في السيرة النبوية" (٧٧ - ٨٢).

<<  <   >  >>