عندما استقر الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدنية، نظم العلاقات بين أهلها، وكتب كتاباً بهذا الشأن، أوردته المصادر التاريخية، وكذلك دلت على تفاصيله، وجزئياته، الآياتُ القرآنية، والمصادر الحديثية. عرف هذا الكتاب في المصادر القديمة باسم:(الصحيفة) أو (الكتاب)، وأسماه الكُتَّابُ المحدثون:(الدستور) أو (الوثيقة)، وقد استهدف توضيح التزامات جميع الأطراف داخل المدينة، وتحديد الحقوق والواجبات.
ولأهمية هذه الوثيقة، اعتمد الباحثون المعاصرون عليها، في دراسة تنظيمات الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في المدينة المنورة، ونُظُم الدولة الإسلامية، وعلاقاتها بالملل والدول الأخرى، والنظام السياسى في الإسلام، فمن ثَمَّ احتاجت منا لعرض، ودراسة مفصلة، خاصة وقد استهدفها "وات" بالنقد الشديد، على طريقته في محو، وتأويل حقائق الإسلام الربانية، وسيرة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، المرتبط بالسماء (١)، عندما رأى ذلك قادحاً في مناهج بحثه، التي يطوع التاريخ ويؤلفه لها.
(١) انظر د. البوطي، فقه السيرة، ص ١٥٩، وانظر د. أكرم العمري، السيرة النبوية الصحيحة، ص ٢٧٢ وما بعدها، وانظر د. مهدى رزق الله، السيرة النبوية، ص ٣٠٦ وما بعدها، وانظر محمد حميد الله، مجموعة الوثائق السياسية، ص ٣٩ - ٤١، وقد ذكر من كتب في الوثيقة.