حفظ الله تعالى لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل البعثة
إن رجوعًا إلى حادث شق الصدر، وما سبقه من إرهاصات عند مولده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وما تبعه من وقائع خارجة عن العادة حدثت للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، خاصة في سفره إلى الشام ليدل دلالة قاطعة على عناية الله به، ورعايته إياه، وأنه كما قيل لموسى عليه السلام:{وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}[طه: ٣٩] وقوله: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي}[طه: ٤١] فهو إذًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصنع على عين الله تعالى، لنفسه وما يريده له، وما يأمره به ويطلبه منه، ومن ثم كان منطقيًا أن نراه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - محفوظًا عن رجس الجاهلية وأقوال الكفرة، وأفعالهم وصفاتهم، خاصة ما يكون منها متعلقًا بعبادتهم أو معبوداتهم، وكذلك مما يؤكد عليه في هذا المقام أنه كان معصوما قبل البعثة بما يشين بعد البعثة، وهذا يوافق العقل.
وعليه نشير إلى أمور وقعت له في سيرته المشرفة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نستدل بها ونعلق عليها تدل على هذه الصيانة من الله تعالى، وكيف أنه لم يصدر من المشركين مع شدة الأذى، وتلمسهم أي صغيرة ينفذون بها إلى شينه، لم يصدر منهم ما يعيرونه به، أو يلمزونه به، بل على العكس كان يحظى في تلك الأخلاق بكامل الاحترام قبل البعثة وبعدها، إلا ما كان منهم قبل إيمان من آمن من مجابهة الرسالة والرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
من هذه الأمور التي عصم منها وهي تشير إلى ما وراءها، فنبدأ بها لذلك.