للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث

{وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢)}

ووصلنا إلى مدحه في سورة الضحى، وهو السورة الحادية عشرة في ترتيب السيوطي، أي من السور المتقدمة جداً في النزول، فننظر فيها ونحللها، ثم نقارنها بما سبق من ثناء وتكريم من الله تعالى للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فنلاحظ:

أولاً: تُشْعِرُ السورة الكريمة بأنه قد حدث تأخير للوحي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لدرجة أن أرجف الكفار بذلك، وأن شيطان محمد قد ودعه وقلاه، وانتهى أمر النبوة المزعومة، وفرحوا بذلك.

ويبدو من السياق أنه كان فرحاً مشوباً بالحذر، لأن القرآن لم يشر إلى ابتهاجهم بذلك، بل أغفل ذكر قولهم وحالهم وقتئذ، لأن المتصور أيامها أن يقال إن محمداً صادق، وما جربنا عليه كذباً، ولكنها أماني النفس وتطلعاتها، ركوباً لموجة العناد والإستكبار، مع الإصرار على دين الآباء والأجداد.

ثانياً: ذكر المفسرون والمؤرخون والمحدثون كالبخاري ومسلم (١) وغيرهم، أن جبريل تأخر عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليلتين أو ثلاثاً مرض فيها - اشتكى - كما تقول الروايات، فجاءته أم


(١) رواه البخاري (٤٩٥٠) عن جندب، ومسلم (١٧٩٧) كذلك، وانظر ابن كثير "تفسير القرآن الكريم" (٥١١/ ٤)، وابن هشام "السيرة النبوية" (١٥٦/ ١) طبعة التوفيقية.

<<  <   >  >>