للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني

غزوة بدر في السيرة المشرفة

وصل حديث ما سبق من السيرة، إلى تلك النتيجة المتوقعة بين المسلمين وكفار قريش، وهي ذلك الصدام الدامى، فكانت غزوة بدر الكبرى، فبالرغم من تهديد المسلمين لطرق قريش التجارية إلى الشام، لم يشتبكوا مع قوافل قريش في قتال حاسم، حتى هذه المرحلة، مما جعل قريشاً تواصل إرسال قوافلها التجارية، مع تأمين الحراسة لها، ومع ذلك كان المسلمون لها بالمرصاد؛ فلما بلغهم تحرك قافلة كبيرة لقريش، تحمل أموالاً عظيمة لها، عائدة من الشام، يحرسها ثلاثون أو أربعون رجلاً، بقيادة أبى سفيان بن حرب (١)، أرسل

رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَسْبَس بن عمرو إلى بدر، لاستطلاع أخبار القافلة، فلما رجع إليه، ندب المسلمين إليها، وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «هذه عير قريش، فيها أموالهم، فاخرجوا إليها، لعل الله ينفكلموها» (٢).

خرج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمن كان مستعداً - متعجلاً، لئلا تفوتهم القافلة، دون أن ينتظر من رغب في الخروج من سكان العوالى ليأتى بظهره (٣)؛ ولذا لم يعاتب أحداً تخلف عنها (٤)، فكان


(١) رواه ابن اسحاق باسناد حسن، ابن هشام (٢/ ١٨٢ - ١٨٣) تحقيق محمد فهمى السرجانى وآخر، المكتبة التوفيقية ط ١، وانظر ابن حزم، جوامع السيرة (١٠٧).
(٢) المصدر السابق، أما حديث بَسْبَس فهو ثابت في صحيح مسلم (١٩٠١)، وانظر شرح النووى للحديث، وضبط الإسم تصحيحاً وتصحيفاً، والحديث كذلك في ترجمته في الإصابة لإبن حجر (١/ ٩٨)، وانظر د. أكرم العمرى السيرة (٣٥٤)، د. مهدى رزق الله السيرة (٣٣٧).
(٣) مسلم من حديث أنس (١٩٠١)، وكذا الطبرانى كما في مجمع الزوائد للهيثمى (٦/ ٦٧) وقال: رجاله ثقات.
(٤) البخاري من حديث كعب بن مالك (٤٤١٨).

<<  <   >  >>