جاءت سورة الأنفال لتحكى لنا سيرة غزوة بدر بما يليق بالقصص القرآنى في سرد الأحداث، إذ يوضح المفيد اللازم لكل بشر من الحادثة، ويعلق عليها بما هو المقصود من القصص أهدافه وغاياته، ويشرح الحكم والمواعظ والعبر، ويذكر الاوامر والنواهى للامتثال للشرع وفي الغالب يزيد عما حدث شرحاً وتفصيلاً يكون زاداً وتحذيراً وتنبيهاً أو وصايا لما هو آت، حتى استكمل القرآن الكريم بهذا النهج المصور لسيرة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه، ما كان وما يكون، مع مراعاة أحوال الامم السالفة في ذكر ذلك القصص لتلمس مواضع العبر تخويفاً واتقاء، مصوغاً كل ذلك في أعلى درجات البلاغة واللغة، التى تشى بأن الصياغة بهذه الطريقة السامقة إنما هي أيضاً من مطلوبات القرآن الكريم في عرض السيرة لأغراض لا شك سامية مما يستدعى مراعاة ذلك الدرس البلاغى وغيره في فهم صياغة السيرة وسردها، وأنه ما كان كذلك إلا لسمو هدفه في ايصال وفهم وتعلم السيرة القرآنية بهذه التراكيب، والصياغات والاساليب، وأفانين الكلام. لذلك كان التعريج على هذا الدرس من مهمات هذا البحث إظهاراً (لما يمكن من جوانبه) كافة تعميقاً لفهم القرآن ومعرفة جماله وجلاله الباعث على محبته والقيام بحقه والرد على أعدائه، لم يكن عرض السيرة بليغاً بهذه الجماليات لكون ذلك أسلوب القرآن الكريم المعتاد، بل كان لكل مقام مقال.