نزل قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (٩٤)} [الحجر: ٩٤]، ومازالت أصداء جهره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالدعوة تموج بها جنبات مكة المكرمة، وأسرع - عليه الصلاة والسلام - صادعاً بالحق بعد إنذارهم، داعياً إلى هجر الأوثان، مواجهاً للمشركين بحقائق التوحيد، وبفساد الشرك، داحضاً أباطيل الجاهلية مسفهاً عقول المؤمنين بها، التى توارثوها خلفاً عن سلف، وهم مدركون تمام الإدراك لجدواها في تحقيق مصالحهم الاجتماعية والاقتصادية، الناجمة عن سدنتهم للكعبة بيت إبراهيم - عليه السلام -، وما يتبع ذلك من حركات البيع والشراء التى من خلالها يجنون أرباحهم ومكانتهم، ما كانوا إذن ليتركوا من الناحية العقيدية تلك الموروثات، التى هي السبب المباشر في ثرائهم وسيادتهم، ولو أدى ذلك إلى اتخاذ كل الاجراءات القاسية لوقف هذه الدعوة ووأدها.
بدأ أصحاب النفوذ والسطوة والمصالح إذن مجابهة الدعوة، والوقوف في وجهها بشتى الأساليب، سواء كان في مواجهة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذى يمثل الخطر الداهم عليهم، أو في مواجهة من آمن ودخل في الإسلام. (١)
(١) د. أكرم العمرى المصدر السابق، د. مهدى رزق الله، السيرة النبوية (١٦٢ - ١٦٣).