للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول

النشاط السياسى والعسكرى إلى غزوة بدر

وقبل الخوض في ذلك النشاط نشير إلى شيء من المعاناة التى وقعت للمهاجرين في بداية وصولهم إلى المدينة حيث لم يكن وصولهم نهاية للألآم والمشقات، بل إن تغير المكان من مكة إلى المدينة أصابهم بأزمات صحية تصوروا معها نهايتهم، إذ كان معلوماً عن المدينة أنها موبؤة بالحمى - حمى يثرب - حتى وصل بهم الحال إلى أن يصلوا وهم قعود، وصرف الله تعالى ذلك عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رعاية بهم، وإستبقاء لمن يقوم عليهم وعلى أمور الدين. (١)

لقد وعك أبو بكر وبلال - رضي الله عنهم -، فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:

كَلُ امرئٍ مُقَبَّحٌ في أهلِه ... والموتُ أدنى من شِرَاكِ نَعْلِه

وكان بلال - رضي الله عنه - إذا أقلعت عنه الحمى يرفع عقيرته، ويقول:

ألا ليت شعرى هل أبيتنَّ ليلةً ... بوادٍ وحولى إذخرٌ وجليلُ

وهل أَرِدَنْ يوما مياه مَجَنَّةَ؟ ... وهل يَبْدُوَنْ لى شامةٌ وطَفيل

وجاءت عائشة رضى الله عنها إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبرته بما يقولان، فقال: «اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، وصححها، وبارك في صاعها ومدها، وانقل حماها فاجعلها


(١) أحمد، المسند (٣/ ١٣٦)، وابن ماجه (١٢٢٩ - ١٢٣١)، من طريق ابن اسحاق، وقال في الزوائد: إسناده صحيح.

<<  <   >  >>