وإذا كنا قد اختصرنا الثناء عليه، فقد آن الأوان لذكر حقوقه أو واجبات المؤمنين تجاهه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فمن الواجبات التي تجب له - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والتي أناطها الله تعالى بالمؤمنين للنبي صلوات الله وسلامه عليه الصلاة عليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حقوق تبين عظيم قدره عند الله تعالى، وقد أُمر بها المؤمنون في الآيات المتأخرة النازلة في سورة الأحزاب بعد الهجرة بزمن غير قصير، وهذا يوضح ردًا آخر على ما كنا بصدده في سورة الضحى من البغض والقلى، إذ كيف يتأتى بعد البغض الأمر من الله تعالى بالصلاة عليه، تعبيرًا عن رفع درجته وعلو منزلته وبعد مكانته، وأنه في ازدياد من معاني التشريف والتبجيل، حتى وصلت إلى هذه الدرجة، وأعلى منها فيما بعد، وإن كانت الآيات الأولى في التشريع تشير بوضوح إلى أن درجته عظمى من بداية البعثة، كما ثبت في آية {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)} [سورة القلم: ٤].
وكيف يخبر الله تعالى الخبر الصادق بأنه وملائكته يصلون على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهناك أدنى شائبة تشوب فعله، أو قوله، أو أخلاقه في الظاهر أو الباطن.
والآية الواردة في ذلك هي قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٥٦)} [الأحزاب: ٥٦].
ونحلل الآية لنرى ما تحوي من معان تستوقفنا، تمس مسًا رقيقًا شغاف القلب بما له