للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجن ابطلنا شهادته لقوله تعالى (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) إلا ان يكون الزاعم نبيا انتهى لكن هذا ينافى ما مر عن شرح المقاصد من حكاية مشاهدتهم عن كثير من العقلاء وارباب المكاشفات فإن المتبادر ان المراد المشاهدة بدون تشكل إلا ان يكون ذلك من باب الكرامة فإن ما صح ان يكون معجزة لنبي جاز ان يكون كرامة لولى على ما مر فيه من الكلام مبسوطا وكلام الامام الشافعي رضى الله تعالى عنه في غير أصحاب الكرامات عند عدم التشكل والا فلا وجه لمنع رؤيتهم لكل أحد عند التشكل. ولذا اختلفوا في قتل الحية البيضاء التي تمشى مستوية فقيل لا تقتل لأنها من الجان لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم اقتلوا ذا الطفيتين والابتر واياكم والحية البيضاء فانها من الجن وقال الطحاوى لا بأس بقتل الكل لانه صلى الله تعالى عليه وسلم عاهد الجن ان لا يدخلوا بيوت امته ولا يظهروا انفسهم فإذا خالفوا فقد نقضوا العهد فلا حرمة لهم وقد حصل في عهده صلى الله تعالى عليه وسلم وفيمن بعده الضرر بقتل بعض الحيات من الجن فالحق ان الحل ثابت ومع ذلك فالاولى الامساك عما فيه علامة الجان لا للحرمة بل لدفع الضرر التوهم من جهتهم وقيل ينذرها فيقول خلى طريق المسلمين أو ارجى بإذن الله تعالى فإن ابت قتلها كذا في فتح القدير للمحق ابن الهمام، وقد أطال تلميذه ابن امير حاج بذلك في شرحه على المنية ثم نقل عن شرح الجامع الصغير لصدر الإسلام قال والصحيح في الجواب ان يحتاط في قتل الحيات حتى لا يقتل جنيا فانهم يؤذونه اذى كثيرا بل إذ رأى حية وشك انه جنى يقول له خل طريق المسلمين ومر فإن مر تركه فإن واحدا من اخواني وهو اكبر سنامنى قتل حية كبيرة في دار لنا بسيف فضربه الجن حتى جعلوه زمنا فكان لا تتحرك رجلاه قريبا من شهر ثم عالجناه وداويناه بارضاء الجن حتى تركوه فزال ما به. وهذا مما عاينته بعيني انتهى. ومثله ما في تيسير الوصول إلى جامع الأصول عن أبي السايب قال دخلت على أبي سعيد فوجدته يصلى فجلست انتظره فسمعت تحريكا في عراجين في ناحية البيت فالتفت فإذا حية فوثبت لاقتلها فأشار إلى ان اجلس فجلست فلما انصرف اشار إلى بيت في الدار فقال اترمى هذا البيت فقلت نعم فقال كان فيه فتى منا قريب عهد بعرس فخرجنا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى الخندق فكان الفتى يستأذن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بإنصاف النهار فيرجع إلى اهله فاستأذن يوما فقال له رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم خذ سلاحك فانى اخشى عليك قريظه فأخذ الرجل سلاحه فأتى اهله فإذا امرأته بين البابين قائمة فاهوى إليها بالرمح ليطعنها به

<<  <   >  >>