للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

انتهى فإنه على الاحتمال الاخير لا يكون ربط العفريت خاصا بسليمان وإنما تركه صلى الله تعالى عليه وسلم تأدبا مع سليمان لكونه من جنس معجزته المختصه به من تسخير الشياطين له فيما يشاء وارادته أو لا لربطه ثم عدوله عن ذلك دليل على ان ذلك ممكن وانه غير مكفر وحاشاه صلى الله تعالى عليه وسلم ان يهم (بتشديد الميم) بما فيه كفر ولو نسيانا بل من اعتقد فيه ذلك فهو كافر فقول هذا الحاسد المعاند ان ادعاء ذلك مستلزم لإنكار النص الموجب للفكر اتفاقا كلام باطل يخشى عليه من الوقوع في الكفر لاستلزامه الطعن في جناب نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم نعوذ بالله من علم لا ينفع ومن حسد يعمى ويصم حتى يوقع صاحبه في مثل هذا المهيع على ان الآية فيها احتمالات ذكرها المفسرون ففى تفسير القاضي والمفتى قال رب اغفر لى وهب لى ملكا لا ينبغي لاحد من بعدى لا يتسهل له ولا يكون ليكون معجزة لى مناسبة لحالى أو لا ينبغي لاحد ان يسلبه منى بعد هذه السلبة اولا يصح لاحد من بعدى لعظمته كقولك لفلان ما ليس لاحد من الفضل والمال على ارادة وصف الملك بالعظمة لا ان لا يعطى أحد مثله فيكون منافسة انتهى زاد المفتى أبو السعود وقيل كان ملكا عظيما فخاف ان يعطى مثله أحد فلا يحافظ على حدود الله تعالى انتهى فقول من بعدى على الوجه الثاني بمعنى غيرى ممن هو في عصرى فإن سليمان قد كان سلب منه ملكه مرة فإنه كان ملكه في خاتمه وكانت له أم ولد اسمها امينه وكان إذا دخل عليها للطهارة اعطاها الخاتم فاعطاها يوما فتمثل لها بصورته شيطان اسمه صحر واخذ الخاتم فتختم به وجلس على كرسيه فاجتمع عليه الخلق ونقذ حكمه في كل شئ إلا فيه وفى نسائه إلى آخر القصة فمعنى الآية على هذا الوجه الدعاء بعدم سلب ملكه عنه في حياته بعد هذه السلبة ولا يخفى انه على هذا لا يمتنع وقوع مثله لغيره بعده وكذا على الوجه الثالث وهو قوله أو لا يصح لاحد من بعدى لعظمته فإن قوله من بعدى بمعنى غيرى أيضا ولكنه مطلق لا يختص بعصره وهو كناية عن عظمته سواء كان لغيره أم لا فإن الكناية لا تنافى ارادة الحقيقة وعدمها ومثله لفلان ما ليس لاحد من كذا وربما كان في الناس امثاله إذ المراد ان له حظا عظيما وسهما جسيما كما اوضحه في الكشاف ومعنى الآية على هذا الوجه الدعاء بان يهب له ملكا عظيما لا ان لا يعطى أحد مثله حتى يكون منافسة في الدنيا أي بخلا وتقديما لنفسه على من سواه شرها على الدنيا كما طعن به بعض الملحدين على سليمان (و)

<<  <   >  >>