للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا تقتضى انه لا يمكن لاحد ان يتصرف نوع تصرف في الجان وإن من قال ان اعتقاد الجواز كفر فهو مفتر على الشرع المصان بل لو ادعى مدع ان له في الجان التصرف التام كتصرف سليمان . لم يجز الجزم بكفره لما علمت من ان الآية ليست نصا في اختصاص سليمان بذلك لما علمت من الاوجه الأربعة في تفسيرها بل يسأل عن وجه تصرفه فإن كان فيه مكفر من قول أو عمل أو اعتقاد فهو كافر بذلك والا فلا فإن ذلك قد يكون كرامة له فإن ما ساغ ان يكون معجزة لنبي ساغ كونه كرامة اولى كما قدمناه. وانظر إلى ما حكى عن الأولياء من وقائعهم مع الجن تعلم صدق ما قلنا وانظر إلى ما في بهجة القطب الرباني والهيكل الصمداني سيدى عبد (القادر الكيلاني) من انقياد الجن والطاعة ملكهم له ومن مقاتلته لعفاريتهم وشياطينهم وحرقه لهم فاز فيها ما يكفى. ومن ذلك حكاية الذي اختطفت بنته فأمره ان يذهب إلى مكان كذا ويخط دائرة في الأرض يجلس فيها ففعل فرآهم يعبرون زمرا زمرا إلى ان جاء ملكهم راكبا فرسا وبين يديه امم منهم فوقف بازاء الدائرة وقال يا أنس ما حاجتك فقال بعثنى الشيخ عبد القادر إليك فنزل من على فرسه وقبل الأرض وجلس خارج الدائرة وسأله فذكر له قصة بنته فسألهم عمن اخذها فأتى بمارد من مردة الصين وهى معه فضرب عنق المارد واخذ ابنته ثم قال اما رأيت كالليلة في امتثالك امر الشيخ قال نعم انه لينظر من داره إلى المردة منا وهم باقصى الأرض فيفرون من هيبته إلى مساكنهم وإن الله تعالى إذا أقام قطبا مكنه من الجن والانس انتهى (فإن قلت) قد مر ان من أنواع السحر ان يعتقد انه بلغ في التصفية وقراة الرقى وتدخين بعض الادوية إلى ان الجن تطيعه في تغيير البنية والشكل وإن المعتزلة قالوا بكفره وغيرهم وإن لم يقل بكفره يقول ان ذلك حرام وانه يكفر مستحله وما كان مترددا بين كونه حراما أو كفرا كيف يجوز وقوعه من احاد المؤمنين فضلا عن الأولياء (قلت) لا شك ان كلا من المعجزة والكرامة والسحر امور خارقة للعادة وإنما الفرق بينها من حيث النسبة إلى من ظهرت على يديه فإن ظهر ذلك الخارق ممن هو افضل الناس نشأة وشرفا وخلقا وخلقا وصدقا وادبا وامانة وزهادة واشفاقا ورفقا وبعدا عن الدناءة والكذب والتمويه وكان له أصحاب في غاية العلم والديانة كان ذلك الخارق معجزة مصدقة لدعواه وإن ظهر على يدى متبع لنبي مقتف لهديه مواظب على الطاعات معرض عن المخالفات يدعو إلى تصحيح العقائد وإقامة الشريعة والاذكار والعبادات كان ذلك الخارق كرامة له اكرمه الله تعالى بها لا بقرأة رقى ولا بتدخين وإن ظهر على يدى

<<  <   >  >>