للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(الفصل الرابع) في دعوى علم الغيب ذكر الحنفية في عدة من كتبهم ان من ادعى لنفسه علم الغيب كفر وفي الفتاوى الخانية سمع صوت هامة فقال يموت واحد قبل يكفر وقيل لا يكفر لان هذا انما يقال على وجه التفاؤل وكذا لو خرج إلى السفر فصاح العقعق فرجع فهو على هذا الخلاف أيضا انتهى (و) صرح صاحب الهداية في مختارات النوازل في مسئلة الهامة بان الصحيح انه لا يكفر (و) في البزازية من قال اعلم الاشياء المسروقة يكفر وكذا لو قال اخبر باخبار الجن يكفر أيضا لان الجن كالانس لا يعلمون الغيب ومن صدقه كفر لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم من أتى كاهنا فصدقه فيما قاله فقد كفر بما انزل على محمد (و) ذكر في جامع الفصولين مسئلة بالفارسية حاصلها فيما لو تزوجها بلا شهود وقال ان الله ورسوله أو الملك يشهدان انه يكفر لانه اعتقد ان الرسول أو الملك يعلم الغيب ثم استشكل ذلك بما اخبر به صلى الله تعالى عليه وسلم من المغيبات وكذا ما اخبر به عمر وغيره من السلف ثم اجاب بأنه يمكن التوفيق بان المنفى هو العلم بالاستقلال لا العلم بالاعلام أو المنفى هو المجزوم لا المظنون ويؤيده قوله تعالى (أتجعل فيها من يفسد فيها) الآية لانه غيب أخبر به الملائكة ظنا منهم أو باعلام فينبغي ان يكفر لو ادعاء مستقلا لا لو اخبر به باعلام في نومه أو يقظته في نوع من الكشف اذلا منافاة بينه وبين الآية لما مر من التوفيق والله تعالى اعلم انتهى (و) قال في الاعلام قال الرافعي عنهم أي ناقلا عن الأئمة الحنفية ولو قرأ القرآن على ضرب الدف أو القضيب أو قيل له اتعلم الغيب فقال نعم فهو كفر واختلفوا فيمن خرج لسفر فصاح العقيق فرجع هل يكفر انتهى كلام الرافعى زاد في الروضة قلت الصواب أنه لا يكفر في المسائل الثلاثة واعترض تصويبه في الثانية لتضمن قوله نعم تكذيب النص وهو قوله تعالى (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو) وقوله ﷿ (عالم الغيب) فلا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضى من رسول ولم يستثن الله تعالى غير الرسول ويجاب بان قوله ذلك لا ينافي النص ولا يتضمن تكذيبه لصدقه بكونه يعلم الغيب في قضية وهذا ليس خاصا بالرسل بل يمكن وجوده لغيرهم من الصديقين فالخواص يجوز ان يعلموا الغيب في قضية أو قضايا كما وقع لكثير منهم واشتهر والذي اختص تعالى به انما هو علم الجميع وعلم مفاتح الغيب المشار إليها بقوله تعالى (ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث) الآية وينتج من هذا التقرير ان من ادعى علم الغيب في قضية أو قضايا لا يكفر وهو محل ما في الروضة ومن ادعى علمه في سائر القضايا كفر وهو محل ما في اصلها إلا ان عبارته

<<  <   >  >>