(وأما النهي فإنه للتحريم ومن ضرورته فعل ضده إذا كان له ضد واحد)، فإن قول القائل: لا تتحرك يكون أمرًا بضده وهو السكون؛ لأن المنهي عنه ضدًا واحدًا.
(وأما إذا تعدد الضد فليس من ضرورة الكف عنه إتيان كل أضداده) فإنه إذا قال لغيره: لا تقم فللمنهي عنه أضداد من القعود والاضطجاع والركوع والسجود فلا موجب لهذا النهي في شيء من أضداده، فلذلك لا يكون مأمورًا بأضداده.
فإن قلت: ينبغي أن يكون مأمورًا بأحد الأضداد على طريق الإجمال كما في كفارة اليمين؛ لأن الانتهاء لا يتحقق إلا بالاشتغال بأحد الأضداد.
قلت: الأمر بأحد الأشياء على طريق الإجمال إنما يصح في الأمر القصدي كما في كفارة اليمين.
وأما في الأمر الذي يثبت من ضرورة حكمه النهي فلا؛ لأن في الأمر القصدي المقصود حصول الائتمار، وبفعل كل واحد يحصل الائتمار فيصح، وأما في النهي فالمقصود تحريم فعل المنهي عنه والانتهاء عن الإتيان بذلك الفعل المنهي عنه، وفي حصول الانتهاء الاشتغال بكل واحد من الأضداد مستو، ثم لو قلنا: بأن المنهي مأمور بالإتيان بكل أضداد المنهي عنه كان قولًا بالأمر بضد