للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعلة جامعة بينهما وهي أن كلا من الناسي والخاطئ غير قاصد للفطر بالأكل والشرب، والنص المخصوص يعلل.

فرد ذلك الوهم بهذا فقال: "إن بقاء صوم من أكل ناسيًا إنما ثبت معدولًا به عن القياس"، وهو جعل الآكل غير الآكل وهو مخالف للقياس الظاهر فلما جعل الناسي غير آكل لم يتناوله قوله عليه السلام: "الفطر مما دخل" حتى يخص منه الناسي بذلك الحديث، بل كان بقاء صومه مخالفًا للقياس من كل وجه، فلا يقاس عليه الخاطئ والمكره لذلك.

(فيصير التعليل حينئذ لضد ما وضع له) أي تعليل النص الذي ثبت حكمه مخالفًا للقياس لضد ما وضع له التعليل، لأن التعليل إنما يكون لإثبات القياس ببقاء صوم الخاطئ، والقياس يقتضي فساده لوجود الأكل منه حقيقة، فلذلك قلنا: لو عللنا كان التعليل حينئذ لضد ما وضع له، لأن القياس في أكل الناسي يقتضي ثبوت الفطر لوجود الأكل، فالتعليل لبقاء صومه بسبب أنه لم يقصد الأكل ليلحق به الخاطئ كان التعليل لضد ما وضع له وهو باطل، لأن من المحال أن يكون ما هو الموجب للحركة هو الموجب للسكون، لأن بقاء الصوم مع فوات الصوم ضدان، والذي هو موجب لثبوت أحدهما لا يصلح أن يكون موجبًا للآخر كالنص النافي للحكم لا يجوز أن يكون مثبتًا لذلك الحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>