(ولم يثبت هذا الحكم في مواقعة الناسي بالتعليل) هذا جواب لقولهم: بل يجري في بقاء صوم الناسي لآكله التعليل. ألا ترى أن الصائم إذا واقع ناسيًا يبقى صومه أيضًا بالقياس على من أكل ناسيًا لما أن النص لم يرد في الواقع فرد بهذا ذلك القياس فقال: لم يثبت ذلك بالقياس بل بدلالة النص لما أن الوارد في الأكل والشرب وارد في الواقع معنى، وقد مر وجهه في بيان الدلالة، فكان هذا نظير قوله عليه السلام للمستحاضة:"توضئي لوقت كل صلاة"، ثبت بهذا الحديث عدم انتقاض الطهارة في الوقت بدم الاستحاضة وهذا حكم ثابت بخلاف القياس، ومع هذا ثبت مثل هذا الحكم في صاحب الجرح السائل ونظائره بدلالة النص لا بالقياس، لأن كل واحد منها نظير الآخر من كل وجه فورود النص في واحد منها كان ورودًا في الآخر.
(ألا تري أن معنى الحديث لغة أن الناسي غير جان على الصوم ولا على الطعام) بسبب وجود الفعل منه بطريق النسيان فيما لا مذكر له للعبادة، والطعام ملكه، وهذا لبيان أن الحكم في الوقائع ثابت بدلالة النص، لأن من سمع قوله عليه السلام:"تم على صومك" الحديث يفهم أن هذا الفعل ليس بجناية، لأنه أمر بإتمام الصوم كمن لا يوجد منه هذا الفعل، وكذلك آخر الحديث يفهم أن هذا الفعل ليس بجناية، لأنه أمر غير جان، لأن النبي عليه