والحق في أداء الصوم لله تعالى، فلم يكن هذا في معنى سبب كان ممن له الحق. ألا ترى أن المريض يصلي قاعدًا ثم لا تلزمه الإعادة إذا برأ، والمقيد يصلي قاعدًا ثم تلزمه الإعادة إذا رفع عند القيد، وعلى هذا قال أبو حنيفة ومحمد -رحمهما الله-: الذي شج في صلاته لا يبنى بعد الوضوء والذي ابتلي بقيء أو رعاف يبنى على صلاته بعد الوضوء لما أن ذلك حكم معدول به عن القياس فلم يجز التعليل فيه، وما يبتنى على صنع العباد ليس نظير ما لا صنع للعباد فيه من كل وجه فلا يتقاسمان.
(وكذلك ترك التسمية على الذبيح ناسيًا جعل عفوًا بالنص معدولًا به عن القياس) فلا يقاس العامد عليه لما ذكرنا أن في ذلك جعل التعليل لضد ما وضع له، ولا يمكن أن يقال فيه بالدلالة، لأنه لا مساواة بينهما فالناسي معذور غير معرض عن ذكر اسم الله تعالى، والعامد جان معرض عن ذكر اسم الله تعالى على الذبيحة.
(وأما المستحسنات) إلى آخره جواب سؤال مقدر وهو أن يقال: قد قلت أن ما ثبت معدولًا به عن القياس لا يحتمل التعديل، والمستحسنات هي ما ثبتت بخلاف القياس، ومع ذلك كان البعض منها قابلًا للتعليل؟