فأجاب المصنف -رحمه الله- عن هذا وقال: فمن المستحسنات (ما ثبت بقياس خفي لا معدولًا به) عن القياس، فلذلك جاز تعليل ذلك البعض.
(وأما الأصل إذا عارضه أصولً فلا يسمى معدولًا) به عن القياس يعني أن المعنى الذي يتعلق به الحكم إذا عارضه معان أخر لا يكون معدولًا به عن القياس بل هو من باب الترجيح وأورد النظير في هذا ما قال علماؤنا -رحمهم الله- في مسح الرأس: أنه مسح فلا يسن تثليثه عارض هذا المعنى معنى آخر وهو كونه ركنًا في الوضوء هذا قول قيل فيه، لكن إطلاق لفظ الأصل ولفظ الجمع في الأصول يقتضي أن يراد به كثرة المقيس عليه. والأولى فيه أن يقال: مثال ذلك ما قال الشافعي في مسح الرأس إنه ركن في الوضوء فيسن تثليثه.
قلنا: إنه مسح فلا يسن تثليثه ويعارض لما ذكره الشافعي أصول كثيرة من مسح التيمم ومسح الفخ ومسح الجورب ومسح الجبيرة، وهذه الكثرة التي ذكرنا إن لم توجب كون ما ذكره الشافعي معدولًا به عن القياس لكن توجب الترجيح لما قلنا على ما ذكر في الكتاب بقوله:(ولكنه يصلح للترجيح).
فإن قلت: هذا الذي ذكرته من قبيل قوة ثبات الوصف على الحكم.